تداعى أصحاب الحافلات العمومية في طرابلس أمس، إلى اعتصام دعوا إليه على عجل، في ساحة الشهيد عبد الحميد كرامي. جمّعوا آلياتهم في منتصف الساحة وعلى جانبيها، ورفعوا الصوت عالياً: أوقفوا الاعتداءات علينا
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
لم ينتهِ اعتصام سائقي حافلات طرابلس أمس بقرار ذاتي، إذ تطلّب ذلك تدخل القوى الأمنية لإقناعهم بفكّه، وتأليف لجنة للبحث في كيفية معالجة القضية. وأتى هذا الاعتصام نتيجة تفاعل الاعتداءات التي تعرضت لها حافلات لنقل الركاب تعمل على خط طرابلس ـــــ بيروت، في المناطق الممتدة من الدورة إلى جبيل، التي كان آخرها إحراق فان على الطريق الساحلي في منطقة نهر إبراهيم فجر أمس. ويمكن اعتبار إحراق الباص المذكور، بمثابة الشرارة التي أجّجت غضب السائقين الدفين، إذ أقدم مجهولون عند الساعة الواحدة والنصف فجراً، على إحراق حافلة عمومية تعود إلى المواطن ب. ع. (من بلدة حالات)، كانت متوقفة على جانب الطريق الساحلية في نهر إبراهيم. وفيما تمكّن الدفاع المدني من إخماد الحريق، لم يتمكّن السائقون من إخماد نار غضبهم في الصباح، وخاصةً أن الحادث جاء بعد سلسلة خلافات وقعت بين أصحاب فانات وباصات بعضهم من طرابلس، وآخرون من كسروان وجبيل أوّل من أمس، في منطقة الدورة.
بدا الأمر في البداية كأنه خلاف على أفضلية الحصول على العدد الأكبر من الركّاب؛ حين قام أربعة أشخاص مجهولين أول من أمس، يستقلّون جيب مرسيدس بدون لوحة، برمي الحجارة على باصين للركاب كانا متوقّفين في إحدى محطات جبيل، ما أدى إلى تحطيم زجاجيهما، وإصابة السائق ج.ن. بجروح طفيفة. واستنكاراً لهذه الحادثة، نفّذ عدد من السائقين اعتصاماً أمام مستديرة نهر إبراهيم حينها، قبل أن يعتصم سائقو طرابلس بدورهم في ساحة عبد الحميد كرامي أمس، بعد إحراق الفان، وكشف اعتصامهم (الذي نفّذه أصحاب أكثر من 200 باص وفان) جوانب أكثر أهمية من كسب الركاب.
حرص المعتصمون على إحضار باصات تعرّض زجاجها للتكسير. ولفت أحد السائقين، ماجد العلي، إلى أنه «اعتُدي على 12 باصاً في الأيام الماضية على الطريق بين جبيل وجونية»، وأن «12 جريحاً منا سقطوا في اعتداء جديد وقع أمس». وفي ضوضاء الاعتصام، صرخ أحد المعتصمين: «سنكسّر باصاتهم مثلما كسّروا باصاتنا»، قبل أن يوضح العلي: «وصلت الأمور إلى حد حصول اعتداءات مباشرة متعمدة ومتكررة على سائقي طرابلس تحديداً». بدوره، تحدث السائق ممدوح عبده عن إصابة بعض جنود الجيش الذين كانوا معه في الحافلة «حين تعرّضت للرمي بالحجارة أول من أمس»، كما أوضح «أن المهاجمين أنزلوا الركاب الـ34 من الباص ونقلوهم إلى باص آخر، بعدما أشبعونا شتائم وسباباً». وعند وصول الأمر إلى هذا الحد، تعمّد بعض أصحاب الباصات مناداة «سائقين مسيحيين» ليتحدثوا إلى وسائل الإعلام «حتى لا يبدو الأمر طائفياً»، أو يحاول بعض الأشخاص تصويره على أنه كذلك، كما قال أحدهم. وتقدّم دوري جوزف سمور من بين المعتصمين، وأبرز هويته ورخصة القيادة، قائلاً: «أنا مسيحي ولم يوفّروني من الاعتداء». غير أن السائق مصطفى مصطفى كشف عن الجانب الأخطر من المشكلة، إذ اتهم جهة سياسية بالموضوع: «أخبرنا كثيرون أن المعتدين مدعومون من جهة سياسية (سمّى حزباً سياسياً في الأكثرية)، ورأينا بعضهم يتحدث بارتياح إلى الدرك»، وتابع حديثه بغضب: «شتموا ديننا ونبيّنا، وحذّرونا من العودة».


بارود يتدخل

طلب وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تسيير دوريات مكثفة على طول الخط الساحلي، والتشدد في فرض التدابير القانونية المناسبة. وبدأت وحدات من القوى السيّارة انتشاراً واسعاً معزّزاً بدوريات مؤلّلة، كما دعت وزارة الداخلية والبلديات أصحاب الشأن إلى التقيد بأحكام القانون، وعدم إحداث أي خلل أمني من أي نوع كان تحت طائلة الملاحقة.