محمد نزّالتكاد عبارة «اجتمعوا ليختلفوا» أن تكون هي العنوان الملازم للدورات العادية والاستثنائية للقمم العربية. بيد أن لقمّة وزراء الداخلية العرب شأناً آخر، فهو الاجتماع العربي الذي يكون فيه الانفراج بادياً على وجوه الحاضرين، والقرارات تخرج منه بإجماع على الكلمة والحرف، ويمكن بسهولة ملاحظة الودّ الذي يبديه الوزراء بعضهم لبعض، حتى بين الدول العربية المتخاصمة. فالأمن هو قدس الأقداس لدى الأنظمة العربية، وساحة التنسيق الوحيدة التي تبقى بعد أن تقطّع سبل التعاون الأخرى.
تنعقد في بيروت الدورة السادسة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب، خلال يومي 22 و23 آذار الجاري، وعلى جدول أعمالها عدد من المواضيع للمناقشة، بدءاً بتقرير الأمين العام للمجلس عن الأعمال بين الدورة الخامسة والعشرين في العام المنصرم والدورة السادسة والعشرين المزمع عقدها. كذلك تناقش أعمال «جامعة نايف للعلوم الأمنية» التي أنشئت في الرياض لتدريس قادة الشرطة والضبّاط العرب، مع الإشارة إلى أن الدورات السنوية للمجلس تتضمن بنداً ثابتاً لدرس التقرير السنوي للجامعة، يقدمه وزير الداخلية السعودي.
كذلك يتضمن جدول الأعمال ثلاثة مشاريع أمنية هي: الخطة الإعلامية الرابعة للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة، الخطة العربية الأمنية السادسة، الخطة الثالثة للسلامة المرورية. وتبحث الدورة التقارير السنوية بشأن تنفيذ خطط أخرى مثل خطة مكافحة المخدرات، الخطة الخاصة بالحماية المدنية وخطة مكافحة الارهاب.
يشار إلى أن مكافحة الجريمة المنظمة ومكافحة المخدرات كانتا العنوانين الأساسيين للاتفاقيات الأمنية العربية، قبل أن ينتقل المجلس إلى وضع «استراتيجية أمنية عربية» يستمر تنفيذها حتى عام 2010. وفي الدورة الماضية عام 2008، أقرّ المجلس تعديلات على «الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب»، وأصبح ممكناً بموجبها اعتبار التحريض على الإرهاب أو الإشادة به جرائم إرهابية.
ويعتبر في هذا الإطار أيضاً نشر محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أو إعدادها للتوزيع أو لإطلاع الآخرين عليها، من ضمن الجرائم الإرهابية، علماً بأن هذه المصطلحات حمّالة للأوجه، وهي بالتالي تمثِّـل ذرائع لملاحقة بعض الإعلاميين، على سبيل المثال لا الحصر.
وتُناقش الدورة المرتقب عقدها في بيروت توصيات تتناول مشاريع الاتفاقيات العربية لمكافحة الفساد، غسل الأموال، تمويل الإرهاب، جرائم تقنية المعلومات، مكافحة الجريمة المنظّمة عبر الحدود الوطنية ومشروع نقل نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية. وتناقش كذلك توصيات الاجتماع المشترك الذي انعقد بين المسؤولين عن الأمن السياحي وممثّلي الهيئات الرسمية المعنية بالسياحة في الدول العربية. يسبق ذلك اجتماع إعدادي يوم الأربعاء في 18 من الجاري، يبحث فيه الوزراء بنود جدول الأعمال ومشاريع القرارات، تمهيداً لعرضها على الدورة.


مركز لمكافحة الإرهاب

ألقى العميد المتقاعد الدكتور فضل ضاهر، أمس، محاضرة في قصر «الأونيسكو» بعنوان «الاستراتيجيات الأمنية العربية ومواجهة التحديات»، سلّط فيها الضوء على بعض المصطلحات التي تستخدم في صيغ غامضة، وعلى التحديات المعاصرة وآثارها الضاغطة على الأمن العربي المشترك، ولا سيما في إنفاذ العدالة ومكافحة الجريمة. كما عاين واقع التعاون الأمني العربي على المستويات الاستراتيجية والتكتية. وقدم ضاهر اقتراحاً لوزير الداخلية والبلديات زياد بارود (بصفته رئيساً لاجتماع وزراء الداخلية العرب) دعاه فيه إلى التنسيق مع الوزراء العرب لمناقشة موضوع «إنشاء مكتب عربي متخصص لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية، مقرّه بيروت»، بالإضافة إلى اقتراح إحياء مشروع قديم عن إنشاء مصحّة في لبنان لمدمني المخدرات في العالم العربي، وذلك من خارج جدول الأعمال، نظراً إلى طابع الاستعجال وموجبات مواكبة التوجهات الدولية التي أرست مبدأ إنشاء الإدارات المتخصصة في هذين المجالين.