تضغط رابطة أساتذة الجامعة اللبنانية باتجاه تمديد سن الخدمة إلى 68 سنة، لكن لا يبدو المطلب عاماً للأساتذة، فهناك من لديه أسباب أكاديمية ومادية لرفض «التمديد» بديلاً من القسمة على 30
فاتن الحاج
من يختبئ وراء تمديد سن الخدمة لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية إلى 68 عاماً؟ لماذا يتحرّك هذا المطلب «الموسمي» بقوة الآن ويعطَى الأولوية على ملفات أخرى أكثر إلحاحاً؟ هل لـ«التمديد» علاقة بتعيين العمداء؟ ماذا عن الجمع بين التمديد وقسمة المعاش التقاعدي على 30 بدلاً من 40 في مطلب واحد؟ وإذا كانت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية جديّة في طرح القسمة على 30 فلماذا لم تُعدّ اقتراح قانون معجل مكرر في هذا الشأن؟
أسئلة كثيرة تطرحها مجموعة من الأساتذة تطلق على نفسها «التجمع الوطني لأساتذة الجامعة اللبنانية». ويؤكد النقابي الدكتور وسيم حجازي «أننا حريصون على الرابطة باعتبارها الممثل لكل الأساتذة، ونؤيدها في كل المطالب التي ترفعها، لكنْ لنا رأي مغاير في ما تصر عليه بشأن المطالبة بإقرار اقتراح القانون المعجل المكرر لتمديد سن الخدمة والموقّع من عشرة نواب، في الجلسة التشريعية، الخميس المقبل».
تنص المادة الوحيدة في اقتراح القانون المعجل المكرر الخاص بتمديد سن الخدمة لأساتذة الجامعة اللبنانية، على الآتي: «يستثنى أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية الداخلون في الملاك والمتعاقدون المتفرغون من شرط السن المنصوص عليه في البند الأول من المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 بتاريخ 1/6/1959 وتعديلاته، بحيث تنتهي خدمتهم بحسب رتبهم الأكاديمية وفقاً لما يلي: المعيد لغاية سن السادسة والستين، الأستاذ المساعد والأستاذ لغاية سن الثامنة والستين. يطبق هذا التعديل على من بلغ سن الرابعة والستين عاماً بعد 1/1/2009، كما يحق لمجلس الجامعة اللبنانية التعاقد بالساعة مع أفراد الهيئة التعليمية الداخلين في الملاك والمتعاقدين المتفرغين والمتعاقدين بالساعة ممن هم برتبة أستاذ للتعليم العالي وأنهوا سنوات خدمتهم القانونية، وذلك لمدة سنتين للإشراف على أطروحات الدكتوراه».
هنا يسأل مصدر نقابي عمّا إذا كان تحديد «بعد 1/1/2009» موعداً لتطبيق القانون يأتي على قياس ناس معيّنين، ويصف نص الاقتراح بغير المتوازن لكونه يميّز بين أستاذ وأستاذ مساعد ومعيد فيما الأساتذة يدخلون في السن نفسها إلى الجامعة. ويقول: «إذا كان الهدف من رفع سن الخدمة إلى 68 سنة تحسين الوضع المعيشي والتقاعدي للأستاذ فلا لزوم للفصل بين الأستاذ والمعيد». ويستغرب النقابي تمسّك الرابطة بما سمّتها وصية الرئيس رفيق الحريري لأنّ هذا الأخير «لم يتحدث عن الـ66 سناً تقاعدية للمعيد بل أقر بخصوصية الأستاذ الجامعي عبر رفع سن الخدمة إلى 68 ولم يرفض خيار القسمة على 30».
يستنتج النقابي: «إذاً هو مطلب مادي جرى التعامل معه أكاديمياً». فمن الناحية المادية، ينطلق المصدر من قاعدة احتساب الراتب التقاعدي: 85 % من الراتب الأخير مضروباً بعدد سنوات الخدمة مقسوماً على 40 ليقول إنّ الفارق بين الراتب التقاعدي والراتب الذي سيتقاضاه الأستاذ بعد الـ64 لن يزيد عن 170 ألف ليرة. ويدافع عن القسمة على 30 بدلاً من 40، فيوضح «أنّ الراتب التقاعدي لأستاذ خدم 20 سنة سيكون أقل من نصف الراتب الذي يتقاضاه فيما لو احتسبنا القسمة على 40، ويصبح الراتب التقاعدي أكثر من ثلثي راتبه في حال القسمة على 30 والفارق بين الراتب التقاعدي على أساس القسمة على 40 والراتب التقاعدي على أساس القسمة على 30 قد يصل إلى 612 دولاراً».
أما إذا كان الهدف من رفع سن الخدمة أكاديمياً فإنّ المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 /59 أوجدت، كما يؤكد النقابي، حلاً لهذا الأمر، إذ أقرت الفقرة السادسة منها للجامعة اللبنانية أن تتعاقد مع أفراد الهيئة التعليمية الحائزين رتبة أستاذ أو من تتوافر فيهم شروط رتبة الأستاذ اعتباراً من بلوغهم السن القانونية ولغاية إكمالهم الثامنة والستين من العمر. كما أنّ المادة 43 من القانون 75/67 أجازت للجامعة اللبنانية التعاقد مع متقاعدين لتدريس المواد التي يمكن إسنادها إلى أفراد الهيئة التعليمية الداخلين في الملاك.
ثم إنّ المصدر يرى أنّ تمديد سن الخدمة لن يكون في مصلحة الجامعة اللبنانية فاللحاق بالعولمة وتعزيز البرامج وتطبيق نظام LMD تحديداً يكون بتجديد الدم في جسم الأساتذة واستقدام الكفاءات التي تواكب التطور الحقيقي. هنا يميل النقابي للحديث عن فتح باب الاستقالات وطرح نظام الحوافز. كذلك فإنّ الواقع الفعلي لمباني الجامعة لا يسمح، كما يقول، لمن تجاوز 64 سنة بمواصلة التعليم من دون ارتداد سلبي على وضعه الصحي.
كما أنّ هناك تناقضاً، حسب المصدر بين 68 سنة والتفرّغ، فإبقاء أساتذة في الخدمة يقفل الباب أمام الكفاءات الجديدة. كما أنّ إقرار تمديد سن الخدمة سيرتدّ، برأيه، سلباً على تعديل المادة 2 من النظام الأساسي لصندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية القاضي بالاستفادة من خدمة الصندوق بعد مضي 10 سنوات على وجود الأستاذ في الملاك بدلاً من 20 سنة. وهنا يشرح كيف وصلت اللقمة إلى الفم، وخصوصاً أنّ القانون ينتظر رفعه إلى مجلس الوزراء في وقت قريب، مبدياً تخوفه «من أن يبطل رفع سن التقاعد الحاجة إلى هذا التعديل».


خصوصية الأستاذ الجامعي حق مطلق

أعلن رئيس رابطة الأساتذة حميد الحكم استعداد الرابطة للسير في أحد طرحَي تمديد سن الخدمة والقسمة على 30 أو كليهما معاً بعد درس مدى قابلية كل منهما للتطبيق. وقال: «اتفقنا مع الوزيرة الحريري على أن تطلب من الرئيس بري إحالة مشروع القانون المعجل المكرر على لجنة التربية». ومع أنّ مشروع الرابطة القسمة على 30 لا 35 كما تطرح الحريري، أكد الحكم «أننا منفتحون على أي نقاش، على قاعدة أنّ خصوصية الأستاذ الجامعي حق مطلق».