ديما شريفأتذكّر جيداً تلك الفترة. لم أستطع تحمّلها. كانت ثقيلة قليلاً عليّ. قبل يومين من نكستي تلك، أتى «ربيع بيروت». كان مفعماً بنسيم الحرية، ومطعّماً بزهور الاستقلال، وزاخراً بعطر السيادة.
بعد شهر على توقّفي عن التدخين أغراني صديق لي بسيجارة. كنّا على كورنيش المنارة ولم أستطع الرفض. قلت في نفسي هو خرق لمرة واحدة فقط. لم يحدث لي شيء. كانت إشارة مهمة على استعادة عافيتي. ومن وقتها دأبت على الغش، إذ لم أكن أشتري علبة سجائري الحمراء، بل «أقترض» السجائر من الرفاق والأصدقاء والزملاء في العمل. كنت أكذب على نفسي. ورغم ذلك، كنت سعيدة. لكنني لم أصب بأي عارض صحي، رغم الكم الكبير من الغش الذي مارسته بحق نفسي.
غير أنّني اتخذت في نهاية الصيف الماضي قراراً بالتوقف مجدداً عن التدخين، والتزمت بالقرار بقسوة. ورغم ذلك، من وقت لآخر، كنت أمرض مرضاً شديداً. كنت أشعر بأنّني أختنق وأنّني سأموت. لم أكن أعرف السبب. ذهبت إلى الطبيب، وبعد فحوص مضنية قال لي إنّه لا يعرف ما بي.
السبت الماضي، مرضت مجدداً. كنت أشاهد التلفاز، عندما، فجأة، تعرضت لوعكة صحية كبيرة. تعطّلت رئتاي ولم أعد أستطيع التنفس. أطفأ والدي التلفاز، فعادت رئتاي إلى سابق عهدهما.
اكتشفت حينها أنّ التدخين لا يضر بالصحة أبداً. هي شائعات تروّج عنه. اكتشفت أنني مصابة بحساسية من رائحة شتلات «ربيع بيروت».