بدأ الأمر بالتلاسن بين مجموعة من العمال، في ورشة بناء هادئة نسبياً، قبل أن يتطور الأمر الى عراك حاد، وحضور رب العمل لإجراء مصالحة أولاً، ثم شقيق أحد الفريقين. انتهى الخلاف دموياً، ونتجت عنه محاولة قتل
أحمد محسن
لم يكن هناك ما يعكر صفو العمل داخل ورشة البناء في كليمنصو ذلك اليوم، إلا خلاف سابق بين العاملين فيها بهجت ح. وحسين. كان الأخيران يعملان برفقة اثنين آخرين من زملائهما (غسان غ. وبشير م.) على تركيب رافعة قبل أن يحصل التلاسن بينهما. وقف الزميلان مع حسين، وتهجما معاً على بهجت من دون أن يوفراه من الشتائم. عندها، غادر الأخير واتصل برب العمل حسن ح. ليخبره عن الإشكال. وبالفعل، حضر الأخير، وأخذ مهمة بهجت في تشغيل الرافعة. بعدها بلحظات عاد بهجت، وحاول حسن ح. إجراء مصالحة بين المنخاصمين.. فتجدّد العراك، لكن انضمّ متعاركون جدد هذه المرة. فقد وصل شقيق بهجت، واسمه عارف، يرافقه 4 أشخاص (عرف منهم علي أ. ومحمد ح.). لمح عارف شقيقه على الأرض، فهرع الى نجدته. لكن طريقة مساعدته لشقيقه، تخطت الحد المعقول، فقد شهر سكيناً واستعملها في العراك، عبر توجيهها الى ثلاث نقاط في جسد غسان، حيث استقرت الطعنة الأولى في مؤخرة رأسه، الثانية في صدره، والثالثة في ذقنه. تطور انفعال عارف، وطعن العامل الآخر في يده اليسرى. انتهى العراك بطريقة مأساوية، فغادر بهجت مع شقيقه في السيارة التي أتى فيها الأخير، فيما نُقل الجرحى الى مستشفى كليمنصو.
حضرت القوى الأمنية، وتولت فصيلة ميناء الحصن التحقيق. فأفاد حسين ع. أن أحد الأشخاص الذين قدموا لمساعدة بهجت طعنه في يده، وأن اثنين آخرين ضرباه بخشبة غليظة، ورفساه بقدميهما. أما حسن ح. رب العمل الذي تحوّل الى شاهد أثناء التحقيقات، فأكد أنه حضر بعد اتصال هاتفي من بهجت، محاولاً مصالحة العمال؛ قبل أن يندلع الخلاف من جديد، كما ذكر من تفاصيل العراك، إلا أنه نقل الجريحين الى المستشفى بنفسه. في المقابل، اتهم الشاهد بشير م. بهجت بالاتصال بشقيقه عمداً، وبمتابعة التضارب، كما قال إنه هو الذي نقل غسان الى المستشفى. وبيّن تقرير الطبيب الشرعي أن غسان أصيب بجرح قطعي بطول 4 سنتيمرات في الجهة اليسرى من عظمة الصدر، وهو ناتج عن آلة حادة أصابت القلب، وأحدثت نزفاً حاداً مع احتباس دموي، وإضافة الى هذا، أصيب بجرح مماثل في فروة رأسه بطول 7 سنتيمرات، وجرح آخر في الذقن. أما في التحقيق الذي أجرته مفرزة بيروت القضائية، فقد أعلن بهجت أن حضور شقيقه كان صدفة، وأن شقيقه أتى لاصطحابه الى البحر، فرآه مرمياً على الأرض وحصل ما حصل. بدوره، أفاد المشتبه فيه عارف أنه كان يحمل السكين لتقطيع البطيخ، الذي كان من المفترض أن يأكله في نزهة البحر، من دون أن ينفي أنه استعملها في العراك.
وبعدما تأيدت هذه الوقائع بالتحقيقات الأولية، وثبت أن المتهم طعن غسان بالسكين، مما يشكل الجناية المنصوص عليها في المادة 547/201 عقوبات؛ حكمت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، وعضوية المستشارين حارس الياس وغادة أبو كروم، بتجريم المتهم عارف ح. بالجناية المذكورة، وحبسه 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، وخفضها الى ثمانية مع الأشغال الشاقة، سنداً للنص الثاني من المادة. كما أدغمت العقوبات الأخرى المنزلة به سنداً للمادة 205 عقوبات، وإبقاء العقوبة الجنائية لكونها الأشد، على أن تخفف الى ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة تبعاً للمادة 253، التي توضح قواعد تخفيف العقوبات في حال وجود أسباب موجبة.