حسام كنفانيرغم الصخب الدائر في القاهرة حالياً بشأن نقاط الخلاف والاتفاق الفلسطيني في لجان الحوار الوطني، يقرّ الجميع بأنّ المحكّ هو في لجنة الحكومة ونتائجها، وما إذا كانت ستؤدّي إلى تأليف حكومة وحدة أو وفاق، ولا سيما أنها الهدف أساساً من كل المحادثات الجارية في العاصمة المصريّة، وفي حال فشل الاتفاق عليها، فإنه لا معنى لكل ما اتُّفق عليه حتى الآن، بدءاً من المصالحات، مروراً بالأجهزة الأمنية والانتخابات، وصولاً إلى منظمة التحرير.
ورغم الخلاف في اللجان على مسمّى الحكومة (وحدة أو وفاق أو تكنوقراط)، يتّفق الجميع خارج اللجان على تسميتها «حكومة الـ5 مليارات»، باعتبار أنها ستكون المسؤولة عن الـ5.2 مليارات دولار، التي تعهّدت بها الدول المانحة لإعادة إعمار قطاع غزّة ودعم السلطة الفلسطينية.
الأموال هي ما يشغل بال المشاركين في القاهرة. فحتى لو اتُّفق بالإجماع على الحكومة وتسميتها ورئيسها وتكوينها، فإن الرفض الغربي لها كفيل بإطاحة الإجماع الفلسطيني، الذي بات بلا قيمة. هذا ما تشي به زيارة عمر سليمان وأحمد أبو الغيط إلى الولايات المتحدة وأوروبا، أصحاب القرار الفعليين في المصالحة الفلسطينيّة، ما دامت هذه المصالحة قائمة على أسس ماليّة لا علاقة للوطنية والقضيّة بها.
القيادي في «فتح» صخر بسيسو لخّص هذه الحال حين قال «لن نكون ملكيّين أكثر من الملك. فإذا تمّ إقناع الاتحاد الأوروبي وأميركا والمجتمع الدولي ببرنامج الحكومة، فنحن سنكون أوّل المؤيّدين».
الملك إذاً هو أميركا والاتحاد الأوروبي، وهما أصحاب القضية الفلسطينية التي يختصرها المشاركون في حوار القاهرة، من دون استثناء، بأموال إعادة الإعمار. الجميع عينه على الخمسة مليارات، سواء «فتح» أو «حماس» أو باقي الفصائل. وما المصالحة والوحدة الوطنية إلا عنوانين فاقعين كاذبين سبق للشعب الفلسطيني أن عايش سقوطهما السريع. فالعودة قليلاً إلى التاريخ تظهر ثلاثة اتفاقات «وحدة وطنية فلسطينية»، اتفاق القاهرة (آذار 2005)، وثيقة الوفاق الوطني (أيلول 2006) واتفاق مكة (شباط 2007)، أي بمعدل اتفاق كل عام. وعلى هذا المنوال، من غير المستبعد عقد مؤتمر مصالحة جديد العام المقبل أو الذي يليه.