آن ندّورفي إحدى مدن الروايات، كان هناك راوٍ عظيم يجتمع الناس في منزله كل مساء ليخبرهم الأقاصيص والحكايات والعجائب.
وفي أحد الأيام، قرر الراوي أن يصمت، وأن يغلق باب منزله في وجه زائريه. وبعد أعوام نسي الناس وجوده واختفت ألوان الحياة من المدينة وقاد الفراغ سكانها إلى اللهو العابث. وفي إحدى الأمسيات خرج الراوي عن صمته، وأعاد فتح منزله لمحبيه. انتظر أياماً وشهوراً لكن لم يأت أحد. قرر حينها أن يخرج إلى الشوارع لينادي الناس، لكن صوته لم يعلُ وقد أصابته الدهشة مما رأى. بدت الحانات مكتظة بالمخمورين، والساحات ممتلئة بالرواة المأجورين. عاد إلى منزله ولملم كل ما كتبه خلال أعوام الانقطاع، وغادر. في إحدى مدن الروايات، يُحكى أنه كان هناك راوٍ عظيم يجتمع الناس في منزله كل مساء ليخبرهم الأقاصيص والحكايات والعجائب. وفي أحد الأيام، قرر الراوي أن ينسج حكايات وأقاصيص وأحلاماً جديدة لأبناء قومه، فقرر الصمت حتى ينهي ما يريد. ولما مزّق الراوي عزلته كان قومه قد دخلوا في عزلة الفوضى. ولما خرج الراوي عن صمته كان قومه قد احترفوا الصمت.
ولما أكمل الراوي أقاصيصه وأحلامه، بدا قومه كائنات لا تعرف كيف تعيش، ولا تعرف كيف تموت ولا تعرف كيف تحلم.