استحدث المسؤولون عن كافيتيريا معهد العلوم الاجتماعية ــ الفرع الأول قبل عشرة أيّام، ردهةً جديدة «للأراكيل فقط». يعزو مسؤولو الكافيتيريا الموضوع إلى الوضع الاقتصادي، فيما يستغرب البعض بيع النراجيل داخل المعهد، رغم أن دفاتر الشروط لاستثمار الكافيتيريا تمنع حتّى بيع السجائر
محمد محسن
بإمكان أي متابع لأوضاع الجامعات في لبنان، شطب النرجيلة عن لائحة الظواهر التي تأخذ صداها بين الطلاب على مستوى الممارسة، ووضعها في خانة «المقرّرات اليوميّة» لكثيرٍ منهم. فالظاهرة تأخذ صداها الذي ما يلبث أن يتضاءل شيئاً فشيئاً. أما بالنسبة إلى النرجيلة، فقد بدأت ظاهرةً، لكنّها ما لبثت أن أصبحت عادةً مألوفة، لا تفارق الممارسات اليوميّة لطلاب الجامعات، ربّما لكونهم جزءاً من حالةٍ عامة نشأت في الماضي القريب، بعد انتعاش القطاع السياحي، وانتشار المطاعم والمقاهي، وحتى محال توصيل النراجيل.
هكذا، تفرغ كافيتيريات عدد كبير من كليّات الجامعة اللبنانية مثلاً، بسبب غياب النرجيلة عن لائحة المنتجات التي تقدّمها. في بعض الكليات، تنتظر دقائق حتى ينجلي دخان النراجيل، لتلاحظ عدد الطلاب الكبير الذين يملأون المقاهي المحاذية للجامعات، والسبب ليس جودة «السندويش» أو انخفاض السعر، وإنما وجود النراجيل.
منذ عشرة أيام، تنبّه العقل التجاري لمستثمري الكافيتيريا في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، فاستحدث ردهةً خاصة تابعة لقاعة لكافيتيريا وخصّصها «للأراكيل فقط». لم يكد المشروع ينطلق، حتى أبدى بعض طلاب المعهد اعتراضهم على وجود النراجيل داخل حرم كافيتيريا المعهد، وبعكسهم، أبدى بعض الطلاب ارتياحهم للإجراء، الذي يريحهم في الحد الأدنى من تكبّد مشقّة عبور «الطلعة» الصعبة المؤدية إلى الكليّة، كلّما أرادوا العودة من حيث يدخّنون النرجيلة قرب الجامعة.
يتردّد أحد المسؤولين في كافيتيريا المعهد في الحديث عن الموضوع. لكنّ التردّد لا يلبث أن يتحوّل إلى رغبةٍ في التعبير عن أسبابٍ «مقنعة» دفعته لهذا الإجراء.
يشار إلى أنّ دفاتر الشروط التي يتسلّم المستثمرون على أساسها إدارة كافيتيريا الجامعات «لا تمنع هذا النوع من السلع، والمنع واضح وهو يطال المشروبات الروحيّة». يبدي المسؤول انزعاجه من الخسائر التي تكبّدها منذ فترة، والتي أدّت إلى صرف ثلاثة موظفين، والسبب هو غياب الطلاب عن الكافيتيريا بسبب «الفرن القريب منّا الذي يقدّم النراجيل للطلاب». يلفت مسؤول الكافيتيريا إلى أنّ «القرار لم يأتِ من عبث، بل نزولاً عند طلب الكثير من طلاب المعهد». يتذمّر من نظام الحضور غير الإلزامي الذي «يحجب عنّا الكثير من الزبائن»، مؤكداً أنّه «لو دخل 250 طالباً يوميّاً الكافيتريا، ما كنّا لنفتتح ردهة النراجيل».
لكن هل يبرّر الوضع الاقتصادي الصعب مخالفة القانون؟ لا يتوانى مسؤول الكافيتيريا في الإجابة: «نحن هنا في كافيتيريا ولسنا في قاعة دراسية».
يصعب حصر آراء الطلاب في زاويةٍ واحدة. ففي مواجهة الطلاب الذين يعترضون على وجود النراجيل في كافيتيريا المعهد، لأسباب عدة لا تتوقّف عند حرمة الجامعة، والأجواء التي قد تنجم عن حالة كهذه مثل الإشكالات أو الأجواء غير المساعدة على الدراسة، يبرّر آخرون ارتياحهم للخطوة انطلاقاً من أوضاعهم الاقتصادية الصعبة. فـ«4 آلاف ليرة لبنانية ثمناً لنرجيلة كافيتيريا المعهد، أهون بكثير من 10 آلاف ليرة ندفعها في مقاهي الروشة القريبة»، يقول أحد الطلاب.
ينفي مدير معهد العلوم الاجتماعية الدكتور محسن صالح علمه بوجود النراجيل في كافيتيريا المعهد، ويشير إلى أن القانون يمنع مثل هذه الأمور، واعداً بخطواتٍ عاجلة ستتخذها الإدارة لمنع أي مخالفة في المعهد.


النراجيل في كل مكان

لا تقتصر «ظاهرة» وجود النراجيل داخل حرم الكليّات على معهد العلوم الاجتماعية ـــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية فقط، إذ ينقل العديد من الطلاب الموجودين في مجمع الحدث، أخباراً مفادها أن كثيراً من التجاوزات تحدث في هذا السياق داخل المجمّع، وإن كانت بعيدةً عن عيون المراقبة. كذلك، لا يبدو مشهد كليّات الإعلام والآداب والتربية في الأونيسكو، إضافةً إلى كليّات مجمع الحدث، غريباً عن مشهد المعهد لجهة انتشار النراجيل، إلا في في مظهرٍ واحد، وهو أنّ المقاهي المحيطة هي مقاهٍ خاصة. لكن هذا لا يمنع من التنبيه إلى أنّ الطلاب يتحمّلون الجزء الأكبر من المسؤولية، فالمقاهي لا تقدّم النراجيل إلا بناءً على طلبهم، والبائع غير ملوم في هذه الحالة.