وصل عدد القتلى الذين سقطوا خلال المواجهات مع الجيش إلى ثلاثة، خلال اليومين الماضيين، وقد سبّب تلاحق الأحداث توتراً أمنياً في غرب بعلبك، تخلّله تجمّع في بلدة دار الواسعة، قبل أن تتعرض بعض مراكز الجيش لهجوم مسلح
البقاع ــ رامح حميـة
لم تمنع عاصفة الظهيرة أهالي بلدة الكنيسة، أمس، من تشييع المواطن علي صبحي زعيتر (23 عاماً)، الذي سقط خلال مواجهات مع القوى الأمنية في منطقة الفنار. وأتى فجر أمس حاملاً معه أحداثاً أمنية جديدة، زادت طين البقاع بلّة، وأجّجت التوتر، حين قُتل الشابان علي عباس جعفر، وعلي محمد جعفر، بعدما أطلق عليهما عناصر الجيش اللبناني النار. وزع الجيش بياناً على وسائل الإعلام ظهر أمس، لتوضيح الحادثة، أعلن فيه «مرور سيارة على أحد حواجز التفتيش التابعة للجيش، في محلة شلال شليفا ــ البقاع الشمالي، من دون أن تمتثل للأوامر بالتوقّف، وأطلق من في داخلها النار نحو عناصر الحاجز، فردّوا بالمثل، لكن السيارة تابعت سيرها في اتجاه البلدات المجاورة، رغم اصطدامها بالعوائق الحديدية. وفجر اليوم (أمس)، مرت سيارة أخرى في المكان نفسه وتجاوزت الحاجز أيضاً، رغم تنبيهها بالتوقّف، فأطلق عناصر الحاجز النار في اتجاهها ممّا أدى إلى مقتل كل من علي محمد صبحي جعفر (1979)، وعلي عباس جعفر (1978) المُلاحق بـ172 مذكرة توقيف تعود إلى تهم عدة، وتبين أن السيارة مسروقة منذ نحو 10 أيام، وقد ضُبط في داخلها قاذف آر بي جي وبندقية من نوع م 16 مع مقبض رمي قذائف (لانشر)، إضافةً إلى قذائف وذخائر مختلفة وكمية من حشيشة الكيف، وبوشر التحقيق في الحادث». وتضاربت هذه المعلومات مع ما رواه أهالي دار الواسعة (ممن التقتهم «الأخبار») عن الحادثة، بموازاة «استنفار» عاشته عائلة جعفر، بعد مجيء أفراد منها ينتمون إلى 14 قرية بقاعية مختلفة إلى بلدة دار الواسعة.
ولعائلة جعفر رواية مختلفة، إذ نفى علي جعفر (أحد أبناء بلدة دار الواسعة) أن تكون الحادثة قد حصلت كما أشارت إليها القوى الأمنية. «لم يكن هناك أية مداهمات»، قال علي، مؤكداً «أن سيارة تخص استخبارات الجيش، كمنت ليل أمس عند مفرق بيت مطر بين بلدة شليفا ودار الواسعة» وبمجرد وصول السيارة التي كان في داخلها القتيلان إلى جانبها، «أطلق من بداخلها النار باتجاهها، ما أدى إلى مقتل الشابين». وأكد جعفر «أن سلوى ابنة عم الشابين وابنها أحمد (16 عاماً) كانا في السيارة» وهو الأمر الذي لم تنفه التقارير الأمنية، التي أكدت وجودهما داخل الجيب، وإصابتهما، ثم نقلهما إلى مستشفى دار الأمل في بعلبك، حيث استقرت حالتهما. وشجب جعفر الطريقة التي تعاطت بها القوى الأمنية مع الحادثة «فهي لم تستجل هويات ركاب السيارة أصلاً»، كما وصف الحديث عن مداهمات في بلدة دار الواسعة بـ«العاري من الصحة». بدوره، أكد الحاج أبو ياسين جعفر (أحد كبار العائلة) في اتصال مع الـ«الأخبار»، أن العائلة لم تتسلّم الجثتين من الجيش بسبب إجراءات التأكّد من هويتيهما، وأن الجيش أبلغهم «أن العائلة لم تكن مقصودة». واستفاض الحاج جعفر، ليعلن «اتفاقاً جرى مع الجيش على عدم وجوده أو المس بأحد من عائلة جعفر في هذه الفترة». «الجيش جيشنا وعناصره أبناؤنا» قال جعفر، وأضاف محذراً «نحن في مجتمعنا معروفون بمسألة الثأر كما لدينا معلومات عن أشخاص وضابط استدرجوا الشباب إلى ما حصل». رغم إيمان أبو ياسين بمناقبية الجيش، فإن تقبّل الحادثة بقي صعباً عليه، وخاصةً أن ثمة شكوكاً تساور عائلة جعفر في أن الحادثة مدبّرة، رغم بيان قيادة الجيش الذي أوضح ملابسات الحادثة.
وأعقب مقتل الشابين (جعفر) في الساعات الأخيرة من ظهيرة أمس، إطلاق 3 قذائف صاروخية على دورية للجيش اللبناني في حي الشراونة داخل مدينة بعلبك، حيث أكد مسؤول أمني لـ«الأخبار» وقوع جرحى في صفوف الجيش هناك، رغم أن الإصابات لم تكن مباشرة، ونتجت من شظايا القذيفتين اللتين ارتطمتا بأحد الجدران، فيما تكتمّت قيادة الجيش عن الخبر حتى ساعة متأخرة من ليل أمس.