علي يزبك ــ محمد نزالتفاعلت الأحداث الأمنية التي وقعت أخيراً في منطقة البقاع، التي قتل خلالها ثلاثة مواطنين ملاحقين بمذكرات عدلية وأحكام قضائية. علي صبحي زعيتر (23 عاماً) أحد الذين قتلوا بنيران الجيش اللبناني يوم 26/3/2009 عندما كانت قوة عسكرية تلاحقه في منطقة رأس الدكوانة، مع عدد من المطلوبين المشتبه بارتكابهم جرائم سطو وإطلاق نار على مدنيين، حيث بادر هو إلى إطلاق النار على الدورية، فردت عليه بالنار وأردته قتيلاً، بحسب بيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني. بيد أن لعائلة القتيل رواية أخرى، فوالده صبحي زعيتر يؤكد أن تقرير الطبيب الشرعي يشير إلى «أن الإصابة حصلت من الخلف، مما يعزز فرضية عدم مواجهته للجيش، فهو كان يحاول الهرب». ويضيف الوالد المفجوع «التقرير يثبت أن ولدي علي تعرض للتعذيب قبل أن يفارق الحياة، حيث لوحظت آثار لسلسلة معدنية شُدّت حول عنقه». زعيتر أكد لـ«الأخبار» أنه بصدد تقديم شكوى قضائية ضد كل من يثبته التحقيق جانياً من أفراد الجيش وضباطه، «ولتأخذ العدالة مجراها، فإن كان علي مطلوباً بمذكرة جلب، فهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أنه مطلوب للقتل».
حادثة أخرى كان لها وقع أكثر عنفاً، يوم 27/3/2009 في منطقة البقاع ـــ شلال شليفا، مرّت سيارة على أحد حواجز التفتيش التابعة للجيش، من دون أن تمتثل لأوامر الخفير بالتوقف، فأطلق عناصر الحاجز النار باتجاهها مما أدّى إلى مقتل كل من علي محمد صبحي جعفر، وعلي عباس جعفر الملاحق بـ172 مذكّرة توقيف، تعود إلى تهم إطلاق نار على مراكز عسكرية، ومحاولة قتل عسكريين ومدنيين، والاتجار بالمخدرات، وارتكاب عمليات تزوير، بحسب بيان الجيش. وعقب مقتل الشابين جرى إطلاق عدد من القذائف الصاروخية على دورية للجيش داخل مدينة بعلبك، أدّت إلى إصابة عدد من أفراد الجيش بشظايا متناثرة. وقد اطمأن أمس، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى الأوضاع الصحية للعسكريين المصابين، مهنئاً المؤسسة العسكرية «على جهودها في توفير الأمن والاطمئنان للمواطنين»، بحسب بيان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية.
من جهة أخرى، أصدرت عشيرة آل جعفر بياناً جاء فيه «ندين الحادث الأليم الذي تعرض له أبناؤنا ونعتبره حادثا فردياً، ونتمنّى على قيادة الجيش الإسراع في إجراء التحقيق اللازم لكشف ملابسات الحادث الذي وقع»، مطالبة بـ«تبيان كل الحقيقة، حفاظاً على أمن المواطن ودعم المؤسسة العسكرية التي ينتمي اليها أبناؤنا جميعاً، والتي قدمت الغالي والنفيس في سبيل وحدة الوطن».
يشار إلى أن جهود كل من الوجهاء والمخاتير في عشيرة آل جعفر والعشائر الأخرى، وكذلك جهود قيادتي حزب الله وحركة أمل في المنطقة، تمكنت من تهدئة «النفوس المشحونة» في حي الشراونة في بعلبك. لكن طلال جعفر، ابن عم القتيل علي صبحي جعفر استغرب كيف «يجري إعدام من حكم عليه القضاء بخمس سنوات سجن، فلا يجوز للأجهزة الأمنية أن تفوّض نفسها بقتل من هو مطلوب للعدالة»، ويضيف طلال متسائلاً «هل يجوز اعتبار جميع أفراد العائلة متهمين إذا كان أحد أفرادها كذلك؟». (في إشارة إلى ابن عمه الذي قتل من دون أن يكون مطلوباً للقضاء)، ليختم قائلاً «نحن نتجاوب مع الدولة إذا أرادت أي مطلوب، ولكن ليس أن يقتل بهذه الطريقة المدانة، وخصوصاً أنه كان هناك نساء وأطفال داخل السيارة».
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش اللبناني يضطلع بالكثير من مهمّات الشرطة، فهو يقيم الحواجز على الطرقات، ويتولّى حراسة بعض المباني، وينزل بثقله عندما تكون هناك تجمعات سياسية. بيد أن مهمة الجيش في أي بلد هي حماية الحدود من الاعتداءات الخارجية، ولذلك لا يجوز أن يقوم بدور الشرطة إلا في حالات استثنائية، يعود بعدها إلى الثكن حيث المهمّات الأصيلة.