بيار الخوريإحدى أبرز خصائص الديموقراطية القديمة والحديثة هي في تناوب الحكام، بحيث يجب أن يكون الحاكم فضيلاً، وبالأخص ناضجاً ومثقفاً. حتى مونتيسكيو وقبله بآلاف السنين أفلاطون قالا إنه يجب على الحاكم أن يكون فيلسوفاً. في لبنان نحن على أبواب انتخابات نيابية يحمل وزرها أشخاص اعتادوا تناول الطعام بملعقة ذهبية لم يختبروا الحياة إلا من زاويتها الجميلة، ولم يعتادوا يوماً أن يكونوا مواطنين عاديين، بل أشباه حكام يتملكهم عشق التسلط وحب التوريث.
نحن على أبواب فاجعة وطنية تتلخص بتنصيب «أولاد الكبار» مسؤولين ينطقون باسم شعب أراد الحياة تحت رحمة أشخاص أرادوا أن يصبحوا آلهة. فكما كان الناس يعبدون المطر مثلاً لأنهم يعتقدونه حاميهم من الجفاف ويقدمون له القرابين، كذلك المواطن يعمد إلى تقديم ولده «شهيداً» إكراماً لمسؤول أراده محكوماً مذلولاً شهيداً «بالدم وبالروح».
وأكبر مثال على ذلك ما حصل أخيراً بعد تظاهرة 14 آذار حين قتل المواطن زين الدين. المجلس النيابي المقبل متخم بأولاد ما دون سن المراهقة السياسية. شباب يموتون في سبيل مسؤول غير مسؤول إلا عن مصالحه، وشباب آخرون لا يعيشون إلا على أمجاد آباء آبائهم وتاريخهم. الموت والحياة في كلتا الحالتين مصيبة. أما الحل فيكون حين يقتنع المواطن بأن المسؤول هو شخص عادي مثله وحين يكف المسؤول عن التعجرف ويقبل بأن يصبح
محكوماً.