غادة دندشهندست مجموعة من الباحثين، من مختبرات كلّية الطبّ في جامعة بنسيلفانيا، أنسجة عصبية حيّة قابلة للزرع داخل جسم حيّ، حيث تقوم بدور الجسر البديل والحاضنة للخلايا العصبية المتضرّرة وتساعدها على النموّ من جديد، وجرت العملية داخل جسم حيوان مخبري. هذا ما أوردته صحيفة الـ ScienseDaily أخيراً. أكّد البروفسور دوغلاس سميث الذي يرأس فرع الجراحة العصبية ويدير مركز ترميم الضرر الدماغي في Penn، أنه خلق وفريقه شبكة عصبية ثلاثية الأبعاد في ظروف مخبرية، وهي قابلة للزرع في مناطق مختلفة من الجسم تعرّضت فيها الخلايا العصبية إلى ضرر دائم. من الضروري التذكير بأن عدداً كبيراً من الأشخاص في جميع أنحاء العالم يعاني أضراراً بالغة في الجهاز العصبي السطحي، وذلك نتيجة التعرّض إلى حوادث مختلفة أو نتيجة الخضوع إلى عمليّات جراحية معقّدة.
إن نتيجة هذا الضرر تكون غالباً فقدان القدرة الحركية أو القدرة على الإحساس في المناطق والأعضاء التي تعرّضت فيها الخلايا العصبية للتلف. يؤكّد الاختصاصيون أن الموارد المتوافرة حتى اليوم من أجل علاج هذه الحالات قليلة وضعيفة الفاعلية، لا سيّما حين يحتاج الأمر إلى إعادة بناء الألياف العصبية nerve axons الناقلة للأوامر العصبية من الخليّة العصبية إلى العضو المستهدف كالعضلة أو الجلد أو غيرها، وذلك في المنطقة المصابة بالتلف. إن الشبكة التي خلقها سميث وفريقه تقوم بهذا الدور بالتحديد حيث تلعب دور الواصل في المناطق التي انقطعت فيها الألياف الناقلة فتصلها بالعضو المستهدف، وتسمح بذلك بمرور «التيّار» الذي يحمل الأمر العصبي من العضو المستهدف وإليه. كان سميث وفريقه قد قاموا في البداية «بزراعة» الألياف العصبية الناقلة وتنميتها عبر وضع مجموعة من الخلايا العصبية، المستخرجة من عقدة عصبية تقع على أطراف النخاع الشوكي لجرذ مخبري، داخل صفائح بلاستيكية تحتوي على مغذّيات خاصة، وقد نمت الألياف العصبية axons من كل خلية عصبية واتجهت نحو الخلايا الأخرى وتواصلت معها، وقد أبعد الفريق بعد ذلك الصفائح بعضها عن بعض خلال أيام ولمسافات متناهية في الصغر. وقد ضُبطت هذه الحركة عبر نظام كمبيوتر دقيق. لقد نمت هذه الألياف العصبية سنتمتراً واحداً خلال سبعة أيام. بعد ذلك وضعها الفريق داخل حاضنة من البروتيين تحتوي على عناصر مغذّية تساهم في نموّها، وأُدخلت في أنبوب ثمّ زُرعت لتكون جسراً بين طرفين متباعدين لعصب قطع الفريق جزءاً منه لدى جرذ مخبري. بعد مرور 16 أسبوعاً على عملية الزرع هذه، لاحظ الباحثون أن الخلايا المزروعة قد حافظت على بنيتها الأساسية وبقيت الخلايا العصبية الجانبية حيّة، وقد امتلأت المنطقة الفارغة بالألياف العصبية الناقلة. كان واضحاً أن الألياف العصبية المضيفة قد استخدمت الألياف المزروعة كسقالة كي تنمو عليها على امتداد المنطقة المتضرّرة. الألياف المضيفة التي أعادت بناء نفسها باتت في تشابك مع الألياف المزروعة وقد كوّنت معها ضفيرة على امتداد منطقة الوصل. وقد غطّت هذه الألياف مادة الميالين الضرورية لقيام هذه الألياف بوظيفتها طبيعياً. لقد حافظ الجسم المزروع على حياة الخلايا التي تدخل في تركيبته وتماهى مع الجسم المضيف دون الحاجة إلى أية أدوية قامعة للمناعة، متحدّياً بذلك المعلومات التقليدية التي تؤكّد حاجة الجهاز العصبي السطحي إلى استخدام هذه الأدوية من أجل تقبّل أي جسم غريب. إن هذه الدراسات والتجارب لا تزال في طورها المخبري، وقد يمرّ بعض الوقت قبل أن يصبح من الممكن استخدامها على البشر، لكنّها بالتأكيد البداية على طريق إيجاد حلول دائمة لحالات الشلل الحركي والحسّي التي يعانيها الكثير من الأشخاص عبر العالم لأسباب مختلفة.