بنت جبيل ــ داني الأمينفي أحد دروس التربية الوطنية للصف التاسع الأساسي، وتحت عنوان «حق المراجعة الإدارية»، يقرأ التلاميذ: «يردد المتحدّث أنه منذ يومين انقطع صوت هاتفه... يصعب التصديق! في اليوم التالي يصل موظف أوجيرو إلى العنوان المذكور ويكشف العطل ويصلحه مجاناً! وتقول إحدى العاملات في الهاتف: إذا لم يتم الإصلاح خلال ثلاثة أيام فاتصل بالرقم 119».
هذا ما يتعلّمه تلامذة لبنان في الصف. لكن، بما أن الحياة هي المدرسة الأكبر، فهي تقدّم لهم نموذجاً مختلفاً عن خدمات الهاتف وعمل شركة «أوجيرو» في قرى الجنوب. فمنذ انتهاء حرب تموز 2006، أي منذ عامين ونصف عام، يطالب عدد من أبناء قرى منطقة بنت جبيل ومرجعيون بتصليح شبكات الهاتف المقطوعة بسبب القصف الإسرائيلي، من دون أن يلقوا آذاناً صاغية، ما دفع بالبعض إلى القيام بهذه التصليحات على حسابهم.
يؤكد نائب رئيس بلدية عيترون نجيب قوصان أنه منذ انتهاء الحرب «لم يُعمل على تصليح الكابلات الرئيسية لخطوط الهاتف المقطوعة في البلدة بسبب القصف، لذلك عمد البعض إلى تصليح خطوط هواتفهم ارتجالياً وعلى نفقتهم الخاصة، وأنا من الذين فعلوا ذلك».
بدوره، يشكو ابن بلدة شقرا الطبيب موسى كريم من تأخر العاملين في أوجيرو في تصليح الكابل الرئيسي للهاتف المقطوع عن حيّه السكني بسبب حرب تموز 2006، رغم المراجعات الكثيرة التي قام بها، ما أدى إلى حرمان أسرته من خدمة الخط الثابت طوال هذه المدة.
في بليدا الوضع مماثل، حيث يؤكد كمال حيدر أن «أغلب كابلات الخطوط الهاتفية في بليدا قطّعت في حرب تموز، ولم تُصلح حتى الآن، لذلك أصلح المشتركون هواتفهم بأنفسهم وعلى نفقتهم الخاصة، بعدما طالبوا المعنيين بضرورة إعادة توصيل الخطوط المقطوعة، لكن الردّ كان دائماً عدم القدرة على التصليح بسبب حجم العمل الكبير الملقى على عاتقهم».
ويشير حيدر إلى أنه «بعد خفض الرسوم المتعلقة بطلبات الاشتراك في الهاتف الثابت، تهافت الأهالي على تقديم طلبات الاشتراك، لكن المشكلة الحاصلة اليوم هي التأخر الكبير في تركيب الخطوط الجديدة، فالبعض ينتظر أكثر من شهرين للحصول على خطه الهاتفي».
يأسف أحد المسؤولين في «أوجيرو» لهذا الواقع، على الرغم من «الإنجازات الكبيرة التي حققها الوزير الحالي، لكنها لا تتناسب مع التقصير الحاصل في منطقة الجنوب عموماً، ومنطقتي صور وبنت جبيل خصوصاً». ويكشف المسؤول بالأرقام أن «نحو مئتي مواطن مشترك في منطقة صور انقطعت خطوط هواتفهم في حرب تموز وخسروا أرقامهم الهاتفية التي بيعت لغيرهم، ولم تُصلح خطوطهم دون أن يكون لهم ذنب في ذلك».
ويؤكد المصدر عينه أن «عشرات المواطنين الذين تقدّموا بطلبات للحصول على خطوط هاتفية لم يحصلوا عليها بعد بسبب عدم وجود أعمدة هاتفية، إضافة إلى التباطؤ في تأمين الكابلات إلى هذه المناطق بحجة عدم وجودها، ونحن نعلم بوجود الفائض منها في بيروت».


عمّال الصيانة

يحيل عدد من العاملين في هيئة «أوجيرو» مشكلة عدم تصليح الهواتف إلى عدم وجود عدد كاف من عمّال الصيانة. وهذا ما يؤكده أحد المسؤولين في الهيئة، موضحاً بالأرقام: «في منطقة صور نحو 30 ألف مشترك و22 عاملاً للصيانة، فيما يناهز عدد المشتركين في بنت جبيل 10 آلاف في مقابل عاملَيْن فقط».
يضيف المصدر: «من جهة ثانية لقد حصلت مناقلات كثيرة للعديد من عمّال الصيانة إلى مراكز أخرى بعيدة، أو إلى فروع أخرى للهروب من أعمال الصيانة، والحلّ بإعادة تشكيل الموظفين من جديد بعيداً من المحسوبيات التي تأتي على حساب تأمين الخدمات للمواطنين وهذا مطلبنا من الوزير الجديد».