السنة المقبلة، يخرّج قسم السينما الحديث الولادة في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية-الفرع الثاني، دفعة الطلاب الأولى. وبينما يتطلّع القيمون عليه إلى المزيد من الدعم لتعزيز مستوى تجهيزاته وبرامجه، يعتبره الطلاب "فسحة الأمل"، التي سيحققون من خلالها أحلامهم السينمائية!
سمية العلي
«أغمضت عيني وفكّرت فيما أريد أن أكون عليه بعد عشرين عاماً، فلم أجد نفسي سوى مخرجاً سينمائياً!» هكذا يقول شربل خيرالله، طالب السنة الأولى في قسم السينما، قبل أن يتحدّث عن طفولته بشغف. كان يرافق جيرانه المخرجين إلى مكان عملهم. تختلف رؤى طلاب قسم السينما في معهد الفنون الجميلة ووجهات نظرهم حول التخصص في مجال السينما وما يرافقه من هواجس، إلا أنهم يجتمعون على هدف واحد: تطوير السينما اللبنانية ودفعها إلى الواجهة.
في هذا المجال، يشير إيلي بلان إلى أنّه يشكّل، مع زملائه في السنة الثانية، فريق عمل متكامل. فمنهم من يهوى التصوير أو المونتاج ومنهم من يميل لأن يصبح مخرجاً، «وجميعهم يؤمنون بالسينما اللبنانية». ورغم إدراك سناء راضي لصعوبة الحصول على فرصة عمل في لبنان في مجال السينما، إلا أنها تتحدّث عن «أمل بالتغيير وعن إيمان بالموهبة والكفاءة الشخصية التي تفرض نفسها رغم الصعاب!»
أمّا رين فرح فتعبّر عن سعادة كبيرة كونها طالبة في قسم السينما، "لو سقطت بمباراة الدخول كنت رح إرجع قدّم مرة ثانية». تصمت قليلاً لتشير إلى طموح كبير يسكنها وهو أن تصبح مخرجة تسلّط الضوء على العديد من القضايا الحساسة وخاصة الاجتماعية منها. تدفع كلمة «القضايا الاجتماعية» ريتا مزهر إلى الاعتراض على تمحور الأفلام اللبنانية دائماً حول فكرة واحدة وهي «الحرب». هنا يعترض إيلي بلان معتبراً أن السينما هي مرآة الواقع، لذلك «يجب علينا كمخرجين مستقبليين التطرّق للحروب اللبنانية بهدف إرشاد المشاهدين لما سببته من مآسي وربّما تسليط الضوء على حقائق لم يكشف عنها مسبقاً». لم يجذب هذا النقاش أنطوني مرشاق، طالب السنة الأولى في قسم السينما، ففضل الحديث عن ذكريات مدرسية قائلاً «في صفوف المتوسط كانت الكاميرا رفيقتي الدائمة، أصوّر بها كل ما يشدّني، حتى أني كنت أقدّم بعض النشاطات للمعلّمة على شكل Video». بالنسبة له، يشكّل افتتاح قسم للسينما في الجامعة اللبنانية «فرصة لكل طالب موهوب سينمائيا ولا تؤهله إمكانياته المادية بدخول الجامعات الخاصة». تفتخر رنا جبران كونها من خريجي الدفعة الأولى لهذا القسم ويشاركها الجميع هذا الشعور لكنهم يتطرّقون إلى بعض المشاكل التي يعانيها والتي يأملون أن تتلاشى مع مرور الوقت ونضوج التجربة. فميريام ديب تعتبر مثلاً أن تدريس بعض المواد لا يستغرق الوقت اللازم له، أمّا بالنسبة للتجهيزات «فالخلل ليس من جهة نوعيتها، لأنها متطوّرة، بل من جهة كميتها»، مشكلة من المنتظر أن تعالج مع الوقت والدعم.
يرفض هؤلاء الطلاب أن يحدّ عدم وضع الدولة للسينما في سلّم الأولويات من طموحهم السينمائي، بل يفضلون الانتقال من دور المعترض إلى دور طارحي الحلول. في هذا السياق، تقترح ريتا مزهر إضافة ألف ليرة على سعر التذكرة ومن ثم استثمار المبلغ في مجال تطوير صناعة السينما أو حتى تمويل المخرجين الجدد، بينما يشير أنطوني مرشاق إلى أن توزيع التمويل يجب أن يتم وفقاً لمعيار أهمية الفكرة «فهناك ميزانيات ضخمة قد أعطيت لإنتاج أفلام لا تحمل أيّ بعد ثقافي»، لافتاً إلى دور النقابة الجوهري في مجال المطالبة الدائمة بحقوق المخرجين والممثلين ورعاية المواهب الشابة.
يرفض الطلاب اعتبار اختصاصهم مغامرة بل يعتبرون أنفسهم مشروع تغيير، عبارة واحدة تدلّ على ما يدور في مخيلتهم، «هلأ إجا وقت السينما اللبنانية!»


قسم السينما هو خطوة شجاعة

«إن افتتاح قسم للسينما في الجامعة اللبنانية يعدّ خطوة شجاعة اتّخذتها إدارة هذه الجامعة»، يقول مسؤول القسم د.جون داوود، مشيراً إلى التكلفة العالية التي يتطلبها هذا الاختصاص من جهة تأمين المعدات اللازمة، والتي هي محلّ سعي دائم لتأمين كل ما هو جديد إما عن طريق الهبات أو ما تقدّمه رئاسة الجامعة اللبنانية. ويتوجّه داوود للطلاب قائلا بأنّ كفاءتهم الشخصية هي التي تطرحهم في سوق العمل، لأن «السينما قائمة على الإبداعية الفردية». يؤكد داوود أن الجامعة تؤمن حالياً ما يحتاجه الطلاب لمتابعة اختصاصهم وبأن المناهج تخضع باستمرار لعملية مراقبة وتطوير، مشيراً إلى أن الأبواب مفتوحة لأصحاب الاختصاص الذين يرغبون بنقل خبرتهم إلى الطلاب.