فراس خليفةأذكر في مثل هذه الأيام، قبل سنتين من الآن، يوم التقيتُ نديم محسن في «صوت الشعب» وسألتُه عنك! أخذتُ منه رقم هاتفكَ في دبي، ريثما اتّصلُ بكَ في اليوم التالي. لم أكن أعلمُ يا رغيد أن القدر كان يُعدّ لي مفاجأة ثقيلة في تلك الليلة! كأن يعود نديم ويتصل في الليلة ذاتها، ويخبرني أنك فارقت الحياة في حادث سير مروّع على الطريق السريع ما بين قلبي وقلبك! أذكر في السنة الثانية أو الثالثة من أيام جامعتنا الغابرة، أنّكَ... أنتَ نعم، اتصلت بي لتبلغني خبر وفاة صديق مشترك، ليأتي بعدها بأربع سنوات من يبلغني خبر وفاتك! إنه القدر المرسوم لي ولك بعناية فائقة. أفتّش الآن في صور الكليّة، فأجدكَ يا صديقي حاضراً في كل واحدة منها، وأجدني مسكوناً بحنين قاتل يجتاح مفاصلي!
في ذكرى رحيلك الثانية، كلّ شيء يحضر بقوة: صورتك في الصفحة الأولى من «السفير» في قلب معمودية النار في ساحة عوكر في مواسم التظاهرات الطلابية. ويوم أُصبتَ في الساحة ذاتها في مقدّم رأسك بقنبلة مسيلة للدموع كادت أن...
في فريق الكلية لكرة القدم يوم خسرنا بنتيجة قياسية (أتذكر؟)! وفي مواسم الانتخابات الطلابية، وحماستك اللافتة لأن تقوم بعملٍ ما للكلية. في الرحلات الجامعية... في النقاشات ذات الطابع السياسي والإيديولوجي في أغلب الأحيان.
وفي كتاباتنا على مقاعد الدراسة، وكنتَ تسارعُ حينها إلى رسم «الزوبعة» التي أحببتْ... في جلسات الكافيتريا التي كانت تطول، وفي «اللجنة الرباعية» التي اخترعناها مع صديقين آخرين لتصنيف أجمل فتاة في الكلية.
وحتى في الورشة البيئية التي قمنا بها ذاتَ آذار، أذكر أنك قمت بزرع أوّل وردة، أظنّها كانت بنفسجية اللون يا صديقي!
أذكر الآن كلَّ شيء يا رغيد، ولا أقوى حتّى على حذف اسمك من أرقام هاتفي، كي لا أتَّهمَ نفسي بالخيانة أو التنكّر لماضٍ جميل!
عذراً رغيد! أكتب عنك الآن، في موسم التهافت الانتخابي، وأعرف أن لا شيء يعوّض عن غيابك إلا إقبالكَ على الحياة، كما كنتَ على الدوام.
أليست الحياة وقفة عز يا صديقي؟
(رغيد حبايب، متخرّج في كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، توفي بحادث سير مفجع في دبي في مثل هذه الأيام قبل عامين)