حولا ــ داني الأمين«إعادة البناء هي من أسس الصمود، لأنها تؤكد سيادة الشعب على أرضه»، يقول رئيس بلدية حولا فيصل حجازي. فرغم متاخمتها للحدود مع فلسطين المحتلة، وتعرّضها مراراً وتكراراً للاعتداءات الإسرائيلية، كان أولها مجزرة حولا عام 1948، التي راح ضحيتها 103 شهداء، بينهم 86 شهيداً من أبناء البلدة، وآخرها القصف الإسرائيلي المركّز في تموز 2006، الذي أدى إلى تهدّم أكثر من 87 منزل، فإنّ هذه البلدة شهدت حركة عمرانية كثيفة بعد التحرير عام 2000، استمرت حتى اليوم. ورغم إطلال موقع «العبّاد» على البلدة واحتلاله جزءاً من أراضيها، كما يؤكد مختار البلدة محمود غنوي، فإن أفخم المنازل شيّدت على مسافة عشرات الأمتار فقط منه.
«من المتعارف عليه أن الأراضي الحدودية بين الدول الصديقة، تبقى خالية من السكان، فكيف بالحدود بين الدول المتحاربة؟ ورغم ذلك، يفضّل أبناء حولا والقرى الحدودية اللبنانية بناء منازلهم بالقرب من الحدود كنوع من التحدّي ما يدل على صمودهم وعلى إيمانهم بزوال إسرائيل»، كما يشرح حجازي، مضيفاً إن «أبناء حولا عرفوا أهمية البناء على الحدود، لأن العدو كان قد وضع قبل التحرير سياجاً حدودياً داخل أراضي البلدة الخالية من البناء، مبتعداً عن منزلين قريبين من الحدود».
أدّى العمران مع انتصار عام 2006، دوره. فبعدما كان الجنود الإسرائيليون يقفون أمام موقع العباد مدجّجين بالسلاح، أصبحوا اليوم يختبئون داخله، بينما يتاح للأهالي، تحت الرقابة المشددة للكتيبة الإندونيسية في اليونيفيل، الاقتراب من الموقع والتفرج عليه.
ويؤكد حسين ظاهر، أحد أبناء حولا، الذين بنوا منازلهم قرب الحدود، أن أولاده سيتمثّلون به «نحن نحمي أرضنا. ولم نعد نخاف الموت. فمن الأشرف لنا أن نستقبله على أرضنا وداخل منازلنا». أما جاره، أبو محمد مزرعاني، فيؤكد أن «حرب تموز هي التي شجّعت الأهالي على بناء منازلهم بالقرب من الحدود، لأنهم عرفوا أن الإسرائيليين لن يجرؤوا من جديد على محاولة التقدّم باتجاه الأحياء». يدعو مزرعاني خلال حديثه أبناء غزة إلى سلوك المسلك ذاته: «عليهم أن يعيدوا بناء منازلهم، لا بل أن يشيّدوها بالقرب من الحدود، لملء المساحات الفارغة بحيث يصعّبون توغّل المحتل».
ورغم كل ذلك، فإن عملية إعادة الإعمار في حولا لم تكتمل. إذ هناك العشرات من المنازل المهدمة التي لم يعوّض على أصحابها حتى الآن، بسبب «تأخر لجنة خطيب وعلمي في إحصاء الأضرار، لأسباب مجهولة»، كما يعلّق حجازي، الذي نصح أبناء غزة «بضرورة تأليف لجنة وحدة وطنية لمتابعة أعمال التعويضات».