تنتظر ثانوية أنطلياس الرسمية إقرار وزارة التربية والتعليم العالي تشييد مبنى جديد على قطعة الأرض التي قدمتها البلدية منذ 15 عاماً
أنطلياس ــ رندلى جبور
وحدها اللافتة الصدئة المعلقة فوق الباب الحديدي الصغير تقودك إلى ثانوية أنطلياس الرسمية. فالمكان يخلو إلّا من بيت قرميدي من طبقتين يدخل مئويته الثالثة. والدولة التي اتخذته مبنى رسمياً لها منذ 38 عاماً لا تقدّم إليه أي حلة جديدة تقي الطلاب المطر شتاءً، وتمنحهم بعض الأوكسيجين صيفاً.
يبدو البيت كأنه أُقحم في التعليم إقحاماً: قاعات التدريس غرف أنشئت للسكن، وتحوّلت اثنتان منها من «كاراجات» إلى صفوف بلا نوافذ أو منافذ للتهوية. أما العدّة المطلوبة شتاءً، فـ«طشت» يوضع في الصفوف ليتلقّى المطر الذي يدلف عبر القرميد الموضوع هو أيضاً منذ مئتي عام ولم يجرِ ترميمه أو تجديده أو إصلاحه.
أما استراحة الطلاب، فعلى «سطيحة» صغيرة مطلة على الطريق العام تتحول شتاءً بركة مياه. وفي أحسن الحالات يستريحون في المساحة الباقية بين الصفوف الخمسة الصغيرة و«الكاراجين». وفي ساعات الفراغ يكون الطريق العام ملاذ الطلاب المعرّضين لخطر السيارات والشاحنات التي لا تهدأ على خط أنطلياس ــ بكفيا.
إلى جانب غرف التدريس مكتب للمدير، وغرفة للأساتذة الثلاثين الذين يتحلّق عشرة منهم حول طاولة صغيرة والباقون «عالواقف». أما النظّار، فيداومون في غرفة زجاجية على مدخل الطابق الثاني، و«البلكون» تحوّل غرفة زجاجية أيضاً.
وتكاد لا تصدق أن تكون الغرفة التي لا تتجاوز مساحتها مترينّ مربعين مكتبة ثانوية أنطلياس الرسمية: هنا رفوف قليلة تحمل كتباً قديمة وطاولة صغيرة للموظفة بينما لا يتسع المكان لانتقاء الكتاب ولعلّه يُطلب «عن الباب».
الصف الثانوي ـــ الثالث قسم العلوم العامة هو نفسه غرفة المعلوماتية، حيث يصطف نحو خمسة كمبيوترات «على جنب». والمختبر عبارة عن «كاراج» له جرار، ملاصق لـ«كاراج» آخر لميكانيك السيارات. هذا في الموجود. أما في الغائب، فلا قاعة للاجتماعات ولا مسرح ولا مكان للرياضة ولا غرفة طبية.
تستوعب الثانوية مئة طالب، وتعتذر عن قبول خمسمئة يتوجهون إليها نظراً لنسبة النجاح التي تحققها في الشهادة الرسمية وفي امتحانات الدخول إلى الجامعة اللبنانية.
لكن الثانوية المتألمة لم تصمت يوماً، كما تقول المصادر الإدارية، بل ترفع صوتها في كل عام إلى وزارة التربية «وكتاب رايح وآخر جايي ومفتش رايح ومفتش جايي ينصّون تقاريرهم التي يصفون فيها الحالة المزرية للمبنى ويرفعونها إلى المعنيين في الدولة ولا من مجيب». وقد تلقفت بلدية أنطلياس الصوت، فقدّمت قطعة من الأرض في جوار كازينو فوار أنطلياس إلى وزارة التربية منذ نحو خمسة عشر عاماً. تعلّق المصادر: «الأرض جاهزة وكذلك الدراسات والخرائط والملف بات حاضراً للتلزيم، أما وزارة التربية، فلم تجهز منذ أكثر من 35 عاماً والجواب الحاضر دائماً لا أموال».
ثانوية أنطلياس هي الثانوية الرسمية الوحيدة في المدينة المتنية الكبيرة والمكتظة والعريقة ثقافياً. والسؤال في رسم المعنيين: «لمَ الإهمال اللاحق بتلك المدرسة منذ صدور المرسوم بإنشائها عام 1971، ألم يحن الوقت لفتح هذا الملف المنسي في أدراج وزارة التربية؟».