ألزم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1636 جميع دول العالم بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية. في بداية آذار، ينتهي التفويض، على أن يتابع المدعي العام الدولي التحقيق في اغتيال الحريري، لكن من دون أي نص يلزم الدول بالتعاون معه
نيويورك ــ نزار عبّود
تنتهي ولاية لجنة التحقيق الدولية في 28 من شباط الجاري لتفتح محكمة لبنان الدولية الخاصة أبوابها في لاهاي في اليوم التالي. ولكي يتم هذا الانتقال، لا بد لأعضاء مجلس الأمن الدولي الذين يُعَدّون مجتمعين أعضاءً في لجنة تطبيق قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء لجنة التحقيق الدولية، 1595، من إعلان أن لجنة التحقيق الدولية قد «أكملت جميع إجراءات التحقيقات والإجراءات القضائية المتصلة بالهجوم الإرهابي» الذي أدى إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وهو ما ورد في ملحق القرار 1636 الصادر في 31 تشرين الأول 2005. أي إن إلغاء عمل لجنة التحقيق الدولية يجب أن يتم ببيان أو قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي الذي مدد عملها عدة مرات منذ 2005. وكان آخر تمديد قد تمّ من خلال القرار 1852 الصادر في 17 كانون الأول الماضي بعد الاستماع إلى تقرير القاضي دانيال بلمار، رئيس لجنة التحقيق، والمدعي العام لمحكمة لبنان الدولية المقبل.
بعد انتهاء عمل لجنة التحقيق، لا تعود الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة قانوناً بملاحقة الأفراد مدار الشبهة في جريمة اغتيال الحريري. فالقرار 1636 ينص في فقراته على ضرورة أن «تتخذ جميع الدول التدابير الضرورية كي تمنع هؤلاء الأفراد من دخول أراضيها أو عبورها»، وليس فيه ما يلزم أي دولة برفض دخول مواطنيها إلى أراضيها. لكن الدول الأعضاء تكفل في حال وجودهم داخل أراضيها تقديمهم للاستجواب من محققي اللجنة الدولية إذا ما طلبت ذلك.
ومن ضمن الإجراءات المنصوص عليها بالنسبة إلى المشتبه فيهم، ينص القرار على تجميد الدول «الأرصدة والأصول المالية والموارد الاقتصادية الموجودة داخل أراضيها»، وهذه تشمل تلك «التي يملكها أو يتحكم بها المشتبه فيهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو التي تحوزها كيانات يملكها أو يتحكم بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة هؤلاء الأفراد أو أفراد يعملون لحسابهم أو بناءً على توجيهاتهم، وكفالة ألا يتيح رعاياها أو أي أشخاص موجودين داخل أراضيها أي أموال أو أصول مادية أو موارد اقتصادية لهؤلاء الأفراد أو الكيانات أو لمصلحتهم، والتعاون التام وفقاً للقوانين المعمول بها مع أي تحقيق دولي يتعلق بالأصول أو المعاملات المالية لهؤلاء الأفراد أو الكيانات أو الأشخاص الذين يعملون لحسابهم، بما في ذلك عن طريق تشاطر البيانات المالية».
لا يبدو حتى الآن أن هناك أي تفكير في التمديد للجنة التحقيق الدولية على الأقل من لضمان استمرار مراقبة المشتبه فيهم واحتجاز أموالهم وأملاكهم. ومن هؤلاء محمد زهير الصديق الذي اختفى من فرنسا ولا يعرف مكان إقامته تحديداً، رغم كثرة التكهنات بتنقلاته بين دول خليجية وأوروبية في غفلة من القضاء الفرنسي الذي رفض السماح للقضاة اللبنانيين بمقابلته واستجوابه عندما كان يتمتع بحماية من مستوى «خمس نجوم».
كذلك فإن مواصلة التحقيق في جريمة اغتيال الحريري وغيرها من الجرائم التي قد تكون متصلة بها، والتي وقعت بعد مطلع تشرين الأول 2004 لن تتمتع بعد مطلع الشهر المقبل بغطاء القرار 1636، حسب رأي خبير قانوني في الأمم المتحدة تحدّث لـ«الأخبار». وأضاف: «قرار تأليف المحكمة الدولية 1757، وكذلك نظام تأليف المحكمة، لا يحددان إذا ما كانت الدول الأخرى غير لبنان، ملزمة بالتعاون مع المحكمة. وهذا يمثّل في حدّ ذاته إشكالاً قانونياً لا أدري لم ترك مفتوحاً وفضفاضاً».
وهذا يعني أن العقوبات والقيود المفروضة على المشتبه فيهم من تجميد للأرصدة والأملاك على الأراضي اللبنانية لا تعود سارية إلا إذا صدرت عن الحكومة اللبنانية بعد انتهاء ولاية اللجنة. علماً بأن المدعي العام للمحكمة الدولية لن يصدر لوائح اتهام مباشرة بعد توليه مهامه، بل قد يستغرق ذلك أسابيع أو أشهراً كما أشار بلمار في مؤتمره الصحافي الذي عقده في نيويورك في كانون الأول الماضي، حيث قال إنه لن يسمح بأن يقع تحت ضغط الوقت إذا كان يتوخى العدالة.
من جهة ثانية لا يبدو تمويل المحكمة للسنتين الثانية والثالثة قد حقق أي تقدم حتى الآن، وهذا يمثّل عقبة أمام عمل المحكمة. وقد توافرت نفقات التأسيس ونفقات السنة الأولى فقط، ولا يجوز بدء عمل المحكمة إلا إذا توافرت التعهدات بتقديم التمويل للسنة الثانية والثالثة.


بين الفصلين السادس والسابع

كانت لجنة التحقيق الدولية تعمل تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بحسب القرار 1636 الذي صدر ليلزم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية. قرار إنشاء المحكمة الدولية الخاصة صدر تحت البند السابع أيضاً، لكن أحد واضعي نظام المحكمة، القاضي اللبناني شكري صادر، قال أخيراً إن المحكمة لن تعمل تحت الفصل السابع. ورغم أن الفصل السابع أشد وقعاً من الفصل السادس بحيث إن مجلس الأمن يتخذ إجراءات فورية بحق مخالفيه، غير أن جميع قرارات مجلس الأمن ملزمة.