كارين عبد النورهل سألت يوماً كيف للمحيط أن يؤثّر على تصرّفات أبنائك؟
أظهرت دراسة بريطانية نُشرت أخيراً في صحيفة «غارديان» مدى تأثير «الجوار» على سلوك الأطفال وعلى نتائجهم المدرسية، إذ، بكل بساطة، يمكن لبيت مُهمل أو لركام مبعثر أن يترك أثراً كبيراً عند الطفل، ما ينعكس سلباً على ممارساته داخل المدرسة وخارجها.
التخريب المتعمّد وكتابة التعابير الساخرة على الجدران وإحداث الخراب، كلها تصرّفات تملأ الطرق المؤدية إلى بعض المدارس.
المدارس التي شملتها الدراسة تواجه المشكلة ذاتها: فالسطوح مغطاة بألواح خشبية، والأبواب والنوافذ موصدة بألواح حديدية. وفي الطريق يمرّ الأولاد قرب مكبات النفايات، ويلاحظ الأساتذة أن هؤلاء الأطفال هم دوماً مشاغبون، عدائيون مكتئبون.
وكان الباحثون قد صبّوا جهودهم سابقاً لمعرفة ما إذا كان هناك علاقة بين سلوك التلامذة من جهة، وتصميم بناء مدرستهم وديكورها من جهة أخرى. وحين أخذوا بعين الاعتبار العلاقة المحتملة بين هذا السلوك ومحيط المدرسة الممتد على نطاق أبعد من حرمها، استخلصوا أن محيط العمل والمدرسة له تأثير بالغ على التصرّفات والممارسات.
وقد هدفت الدراسة أيضاً إلى معرفة أسباب تهرّب التلامذة من القيام بواجباتهم، وأسباب شعور بعض الأساتذة بنوع من الإحباط المتدني، وعجز المدارس عن حصد النتائج المتوقعة، ومدى تأثير انحراف الوضع المدني المحيط بالمدرسة وتدهوره على سلوك كل من هذه العناصر الثلاثة.
الدراسة أعدّتها لمصلحة أحد الاتحادات التعليمية مجموعة تعمل في شركة للاستشارات الصناعية والتجارية. وراقبت المجموعة، عن كثب، لمدّة سنة كاملة، ثلاث مدارس، أجاب كل منها عن أسئلة موجهة إلى الصفوف الابتدائية والثانوية لمعرفة ما إذا كان الطلاب يتأثرون من جراء التشوّهات الذي تصيب محيطهم.
ونظر الباحثون في عملهم الميداني إلى المدارس من خلال «علم الجريمة المرتبط بالبيئة، للتأكد من صحة وجود رابط بين المحيط الذي يعيش فيه الطالب ونزعته للقيام بأي عمل إجرامي. فتوجهوا إلى المدراء والأساتذة والطلاب، كما إلى رؤساء المدارس والأهل واللجان، وأخيراً إلى رجال الشرطة والناظرين. وسُئل كل طالب تحديد بعض المناطق الفقيرة أو الأزقة وإظهار مدى تأثير هذه الأماكن على تصرفه داخل المدرسة.
وقد أكّد معدّو التقرير صعوبة الفصل بين مظاهر تدهور المحيط الذي يعيش فيه الطالب والانحراف الاجتماعي الذي تعانيه بيئته. فبحسب هؤلاء، يؤدي الفساد المدني إلى إهمال التلميذ واجباته وإلى تدن في معنويات الأساتذة.


دور السلطات المحلية

غالباً ما يلجأ الأساتذة إلى البلديات والمجالس المحلية ليتخلصوا من الكتابات على الجدران أو للقيام بأي محاولة سعياً لمحاربة إهمال الممرات بين البيوت التي أصبحت ملاذاً للمشاغبين


أين الخبراء؟

يجب أن يزيد الخبراء المتخصصون من اهتمامهم بالمدارس، وأن يركزوا انتباههم على المناطق المحرومة أو المتدهورة. فكيف يمكن أن ترفع مدرسة ما مستواها وهي تعاني من عوامل خارجية تؤثر سلباً على تقدم الطلاب؟