كفرشوبا ــ عساف أبو رحالخلال العقود الأربعة الأخيرة، تعرّضت بلدة كفرشوبا للتدمير ثلاث مرات، لم تتلقّ التعويضات الكاملة سوى عن مرتين منها. كان أول تدمير في 13 أيار 1971، تاريخ النزوح الأول، حيث تعرّض 16 منزلاً للتدمير، عُوّض لاحقاً على أصحابها عن كل الأضرار التي لحقت بها، على عكس الدفعة الثانية من المتضررين الذين لم ينالوا حتى اليوم التعويضات الكاملة عن الضرر الذي لحق بممتلكاتهم عام 1975، تاريخ النزوح الكامل للأهالي نحو مناطق لبنانية مختلفة.
أما التدمير الثالث، الذي لحق بالبلدة خلال عدوان تموز 2006، فقد عُوّض على المتضررين منه عموماً، خلا بعض الاستثناءات التي تخصّ أسماء عالقة سيعاد النظر بها.
وأوضح رئيس البلدية عزت القادري أنه «قد عُوّض بنسبة 70% على بعض أصحاب المنازل التي تهدمت في المرحلة الثانية، أما البعض الآخر، فإنه لم يتلقّ شيئاً من مستحقاته، حيث حرم أكثر من 400 منزل تتوزع بين البلدة ومزرعة حلتا التابعة لها، من أية تعويضات، بينما عمد أصحاب 250 منزلاً منها إلى إعادة ترميمها على نفقتهم الخاصة»، ليتساءل بعدها «إلى متى سيبقى هذا الملف عالقاً؟ قمنا بمراجعات عدة. لم نترك جهة إلا راجعناها بهذا الخصوص. يجب أن يحدد المسؤولون إن كان لأهالي كفرشوبا حق بالتعويضات أم لا. على المراجع المختصة رصد مبلغ لإعادة الإعمار، وتسديد قسم منه، على أن يقسّط الباقي على شكل سندات خزينة يوافق المواطن عليها بحيث يضمن أن حقه محفوظ فعلاً كما تجيبنا الدولة دائماً. فانتظار الأهالي قد تجاوز الأعوام الثلاثين، وهي مدة كافية لتكون الدولة قد رتبت أمورها».
ورغم تأكيد القادري تفهمه لظروف الدولة الاقتصادية والمالية، إلا أنه يلفت إلى «أن الأهالي، بدورهم، يعانون أوضاعاً معيشية صعبة ويطالبون البلدية بملاحقة هذا الملف، كما يلوّحون برفضهم للتعويض إذا اقتصر على مبلغ 30 مليوناً عن الوحدة السكنية سيُرفض، لأنهم يطالبون بمبلغ 50 مليوناً كمبلغ مقبول لإعادة بناء منزل».
علي إسماعيل عبد العال هو أحدهم. كان يمتلك منزلاً دمره الاحتلال عام 1975 ولم يتلقّ حتى اليوم أية تعويضات عنه. قضى علي سنوات بأكملها في التنقل من منزل إلى آخر، كأي «مهجر» كما يصف نفسه. اليوم، يقتصر حلمه على بناء منزل صغير من غرفة واحدة ومطبخ وحمام يستقر فيه هو وعائلته، لكنه يعجز مادياً عن «بناء حجر واحد»، بانتظار التعويض، كالكثيرين غيره.
أما رياض خليفة، فيشعر بالفخر تجاه سلوك أهالي بلدته «فكل التدمير الذي تعرضت له كفرشوبا على مراحل، لم يكفّ نشاط المقاومة، ولم يثن من عزيمة الأهالي الذين أصروا على إعادة بناء ما تهدم، لشدة تمسكهم بأرضهم».
ويحلل خليفة هذا الإصرار الذي «يتميز به أهل الجنوب عموماّ والعرقوب خصوصاً، لأنهم في الموقع المقاوم الأقرب إلى فلسطين. فقد تمكنوا من إعادة البناء مجدداً رغم أن التدمير والتهجير قد لاحقهم منذ أكثر من 30 عاماً. إلا أن شريحة واسعة منهم تعجز عن إعادة بناء ممتلكاتها، وتنتظر إقفال ملف التعويضات العائد إلى عدوان 1975 الذي نأمل من المراجع المختصة بتّه سريعاً».