في الأمس القريب، طالب مديرو المدارس بالدفعة الثانية من مستحقاتهم من المكرمة السعودية، وما زالوا ينتظرون! واليوم يتحرك موزعو الكتاب الرسمي وأصحاب المكتبات في لبنان للمطالبة بمستحقاتهم بعدما وصلهم أن أموالهم باتت في قبضة الهيئة العليا للإغاثة!
البقاع ـ رامح حمية
هل أضيفت أموال الهبة السعودية الخاصة بمجانية التسجيل والكتاب في المدارس الرسمية إلى أرصدة الهيئة العليا للإغاثة؟ وهل صحيح ما تناهى إلى مسامع موزعي الكتاب الرسمي وأصحاب المكتبات من أن مستحقاتهم المترتبة عن توفير الكتب للمدارس الرسمية سيقبضونها من الهيئة؟ سؤالان برسم الحكومة ووزارة التربية والتعليم العالي، قد توضح الإجابة عنهما أسباب التأخير الحاصل في دفع المستحقات، وتثلج بالتالي صدور الموزعين وأصحاب المكتبات، وتبعد عنهم شبح السجن بسبب الشيكات المرتجعة المترتبة بذمتهم المالية، وخصوصاً أن هؤلاء أقدموا على الخطوة «بقوة» مستعينين برؤوس أموالهم الصغيرة المتواضعة، بالنظر إلى نجاح التجربة الإماراتية التي تلت حرب تموز، حيث دفعت مستحقاتهم كاملة بعد عشرة أيام من إنهائهم العمل وقبل انتهاء كانون الأول 2006.
من هنا، عمد أصحاب المكتبات في البقاع إلى جمع رؤوس أموالهم بهدف الدخول في آلية توفير الكتاب المدرسي وللحصول على بعض الأرباح، فسارعوا إلى التنفيذ، لأنّ قبض مستحقاتهم يجري بعد التسليم كاملاً للمدارس، رغم الصعوبات والمشقات التي واجهتهم بدءاً من «التوزيع الاستنسابي»، وصولاً إلى عدم توفير الكتب دفعة واحدة، ما يفرض أعباءً إضافية (وقود) على عاتقهم.
وقد دفع التأخير في توفير أموال الدفعات المالية منذ 15/12/2008 رغم توافر الهبة السعودية، الجميع إلى السؤال عن مستحقاتهم بالنظر إلى الشيكات المترتبة في ذمتهم المالية، لكن الجواب كان يأتي إما وعوداً قصيرة المدى وإما بحجج، كمرض أو سفر أحد موظفي التدقيق والمحاسبة، ليكتشفوا لاحقاً أنّ الأموال باتت في «عهدة الهيئة العليا للإغاثة»، ما أثار حفيظة الموزعين وأصحاب المكتبات في كل المناطق اللبنانية، باعتبار أنهم «ليسوا متضرري حرب حتى تحال أموالهم على هيئة إغاثة!».
ويصف قاسم الجراح، موزع الكتاب المدرسي الرسمي في البقاع، ما يجري «بالعيب والحكومة ما عم ترحمنا، ففي ذمتنا شيكات يجب تغطيتها، وخصوصاً أننا ندفع عليها فائدة تفوق 7 في المئة وتداعيات التأخير الحاصل في دفع أموالنا سوف تؤدي لا محال إلى خراب بيوتنا والسجن». ويقول إنّه اتصل بوزارة التربية مستوضحاً تاريخ قبض مستحقاته فأتاه الرد: «أموالكم صارت مع الهيئة العليا للإغاثة، وسوف تقبضونها منها!». يستغرب الجراح الجواب ويسأل: «لسنا متضرري حرب، بل موزعو كتاب رسمي لمنطقة البقاع من أقصى بعلبك إلى حاصبيا والشوف، فكيف تحال أموال خاصة بالهبة السعودية والمدارس إلى هيئة الإغاثة!؟». ثم يشرح أنّ الربح من التوزيع لا يتعدى 5 في المئة، تُضاف إليها الضرائب، فيما يعمل لدى الموزع فريق عمل، وعليه شيكات باتت مستحقة الدفع. لكن الجراح يؤكد «أننا لم نقبض أي دفعة من هذه الدفعات». ويلوّح هو وزملاؤه وأصحاب المكتبات بتنفيذ «تحرك في الأيام القليلة المقبلة للمطالبة بحقوقنا».
وفي حوزة الموزع فؤاد شمص معلومات عن أنّ50 في المئة فقط من مستحقاتهم تقبع منذ فترة في مكتبة لبنان ـــــ ناشرون وأن السبب في تأخير قبضها يعود إلى سفر الموظف المكلف التدقيق في الحسابات وشيكات الدفع. لكن شمص يخشى أن «نقبض 50 في المئة فقط!».
أما الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، يحيى رعد، فينفي أن تكون هناك مشكلة في أموال موزعي الكتب وأصحاب المكتبات ومستحقاتهم، ويشرح قائلاً إنّ «أموال المكرمة السعودية موجودة ومتوافرة في الهيئة، ونحن ندفع بناءً على أوامر وزارة التربية والتعليم العالي». ويوضح أنّه جرى دفع 50 في المئة منذ فترة لمكتبة لبنان، وبحسب العقد الموقع بين الوزارة ومكتبة لبنان يجب حالياً دفع 30 في المئة، وقد حُوِّلت فعلاً من الهيئة إلى وزارة المال. لكن رعد يعرب عن اعتقاده بأنّ مكتبة لبنان كانت تحتاج إلى براءة ذمة مالية، ما أخّر عملية الدفع. لذا يتوقع أنّ يجري الدفع خلال أسبوع بعدما سوّي الأمر، على حد تعبيره.


اتفاق
مراحل القبض


تمّ الاتفاق بين مكتبة لبنان ناشرون ووزارة التربية، حسب موزع الكتاب الرسمي قاسم الجراح، أن يكون القبض على مراحل 20% دفعة أولى، على أن تليها دفعتان 15% كل عشرة أيام، وصولاً إلى نسبة50% ومن ثم 30% تبقى حتى تاريخ 15/12/2008. أما الـ20% الأخيرة فستتأخر للتدقيق وتقبض بتاريخ 25/12/2008.


يوضح علوان الحسيني، صاحب مكتبة المهدي، أنّ التأخير في الدفع تجاوز الشهرين، والخسارة باتت مؤكدة «ما بقا بدنا أرباح بدنا أموالنا بس». ويشكو من الصعوبات التي واجهته في تسلّم الكتب وتوزيعها، فبعض المدارس التي كلّف بها تبعد عن مكتبته نحو 50 كلم.

يؤكد حاتم غصن، صاحب مكتبة غصن أن التجربة الإماراتية وكلام الوزيرة بهية الحريري كانا مصدر الثقة لنا في دخول هذا التعهد، «لكن فوجئنا بالاستنسابية والاستئثار عند توزيع الكتب من مكتبة لبنان، فيما أخذ الموزعون القسم الأكبر من طلبات الكتب».