أنطوان صعبيعتصر قلبي ألماً جرّاء الأداء الحكومي المتعثّر، لا بل الفاشل وغير المدروس، فأصبح فرض الضرائب عشوائياً، حتى أضحى اهتمام الوزراء بقضايا الشعب غير وارد على الإطلاق، كقرار زيادة سعر صفيحة البنزين، والزيادة النسبية على ضريبة القيمة المضافة. وكأن الحكومة تعيش في واد والعالم ولبنان الذي هو جزء منه في واد آخر، غير عابئة بالأزمة المالية العالمية وانهيار البورصات العالمية والعربية والأعداد الكبيرة من اللبنانيين العائدين من دول الخليج والولايات المتحدة، يجرّون وراءهم أذيال الكارثة الاقتصادية التي حلّت بالمنشآت الاقتصادية حيث كانوا يعملون. ألا يجدر بنا أن نسأل الحكومة عمّا حضّرت لهم لاستيعابهم؟
فوجئنا أخيراً بقرار وزاري يعفي العمال المصريين من رسوم إذن العمل، دون مبررات خلافاً للعمال من الجنسيات الأخرى، عربية كانت أم أجنبية، وهذا ما يكبّد الخزينة اللبنانية الخسائر الطائلة.
إن هذه الأخطاء في الدول التي تخضع للمحاسبة والمساءلة من ممثلي الشعب للسلطة التنفيذية، تُكلّل بحجب الثقة عنها أو إقالتها. إني أتوجّس خيفةً من تمادي الحكومة في قراراتها المجحفة، لذلك يستوجب المطالبة باستقالة الحكومة وهذا أضعف الإيمان في النظام الديموقراطي.
أربأ بالحكومة أن تقبل ضغوطات الدول الكبرى وبعض الدول العربية المرتبطة بمصالح مع الإدارة الأميركية المتحالفة مع اللوبي الصهيوني، حتى لا نقع في مطب التوطين الذي إن حصل لا سمح الله، فسيؤدي بنا إلى التقسيم وزوال لبنان معاذ الله.
«نحن كلبنانيين لا نريد التوطين ولا نريد التقسيم، وندعم حق عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه المغتصبة عام 1948، وهذا أدنى حق يعطى لهم، بعد أكثر من نصف قرن ونيّف من التشرّد»: أسطوانة نسمعها كثيراً.
أشعر بالخطر المحدق، حين يعبّر الكل في لبنان بأنهم ضد التوطين، بينما يعمل البعض في الخفاء للترويج له وتشجيعه بأمر من أسياده خارج الحدود، فهم يحلّون مشكلة كما يزعمون، ولكنهم يخلقون مشكلة أعقد وأكبر بتمزيق لبنان وتقطيعه.
حرصاً منّا على الحفاظ على لغتنا العربية وامتدادنا في محيطنا العربي، نفسّر كلمة توطين المتداولة على ألسنة جميع السياسيين اللبنانيين، نقيض ما تعني. فالأصح أن يقولوا استيطاناً لا توطيناً حتى يستقيم المعنى المقصود.