فداء عيتانيحين يتحدث قادة وفاعلون من حركة «حماس» عمّن دعمهم وشدّ من أزرهم خلال حرب غزة، لا يتردّدون في ذكر الشبان اليساريين، الذين بحركتهم جنّدوا طاقات هائلة في الغرب وباقي دول العالم، وأظهروا تعاطفاً كبيراً أبعد من المعنى الإسلامي الأحادي الجانب للمعركة، وأبعد من معركة عربية ــ إسرائيلية. أما حين يتحدثون عن الجماعة الإسلامية، فهم يبدأون بالقول «هذه هي الجماعة الإسلامية التي نعرفها»، مشيرين إلى أنها خلال الأعوام الأربعة الماضية، كانت غير تلك التي عرفوها منذ أن كانوا هم أنفسهم من أعضائها، حيث كان الإخوان المسلمون من الفلسطينيين المقيمين في لبنان، ينضمون تلقائياً إلى الجماعة اللبنانية، قبل أن «يأتي الفرج» وتظهر «حماس»، فيتبعون خطاها تنظيمياً.
إذاً هذه هي الجماعة التي يعرفونها، وهي التي قدّمت ما قدمته خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان واحتلال صيدا ــ مركز ثقل «الجماعة». بعد ذلك، مرت مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري، فتحوّل خطاب «الجماعة» إلى اللحاق بنبض الشارع.
وهنا يتساءل عدد من كوادر «حماس»: هل على الإخوان إرشاد الشارع أم الاستجابة لأهوائه، مشيرين إلى «الجانب الإرشادي والتوجيهي» لحركة الإخوان المسلمين.
أول من أمس، قدمت «الجماعة» برنامجها الانتخابي، الذي لا يمكن أية قوة في المعارضة، أن تعترض عليه. بينما في سياسة التحالف مع تيار المستقبل، تعود «الجماعة» لتقف قرب قوى 14 آذار، رغم تأكيدها أنها لا تنتمي إلى أيّ من فريقي النزاع في لبنان.
إلّا أنّ البيان الانتخابي يضعها قرب جناح المقاومة، إن لم نقل في صلبه. فأوّل نقطة من البرنامج تنص على تجنيد كل الطاقات في الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، بينما ورد في المؤتمر الصحافي لـ«الجماعة»، ما حرفيّته: «نحن على تفاهم وشبه اتفاق على أن نكون حلفاء في الانتخابات المقبلة» مع النائب سعد الحريري.
في الوقت الذي يقول فيه قادة في «حماس»: «هذه هي الجماعة التي نعرفها»، تخطو الجماعة خطوة أخرى نحو قوى الأكثرية اللبنانية، ويبقى برنامجها دليلاً على موقع فريد في الصراع المحلي والإقليمي... فأي جماعة ننتخب؟