خضر سلامةنهار السبت الماضي، وقع محرّك «غوغل»، لنحو ساعة، ضحيّة «خطأ بشريّ من المسؤولين عن الموقع»، المشكلة التقنية تمثلت في حظر المحرك لكل المواقع على الشبكة لأنها «تشكل خطراً على جهازك»، توقف البحث إذاً ، ولم يعد من الممكن الوصول إلى أي عنوان إلكتروني على الشبكة عبر غوغل. يقوم «غوغل» بتحديث معطياته الأمنية عبر شركة «ستوب بادوير» المكلفة بأمن المحرك العالمي، وحسب شركة «ماونتين فيو» فإن الخطأ التقني حدث أثناء عملية التحديث، «عادة يقوم البرنامج بتحديد عنوان بريدي معيّن، ووضعه في ملف، إلا أنه تمّ تعيين جميع العناوين الموجودة في ذاكرة غوغل». هذا الخطأ أدى إلى ظهور تحذير على نتائج البحث كلها، يقوم بتحويل المستخدم عند دخوله إلى الصفحات المحظورة إلى صفحة شركة ستوب بادوير التي تشرح أسباب المنع «حفاظاً على سلامة جهاز المتصفّح».
جاء في بيان «غوغل» أن «المشكلة بدأت بالظهور بين الساعة الثانية وسبع وعشرين والثانية وأربعين دقيقة بتوقيت غرينتش من بعد ظهر السبت، واستمرت حتى إصلاح الخطأ بين الثالثة وعشر والثالثة وخمس وعشرين دقيقة، تراوحت مدة توقف المحرك بين ثلاثين وأربعين دقيقة». إدارة «غوغل» قدمت اعتذاراً، واعدة بفتح تحقيق دقيق في الحادث، وبكشف التفاصيل أمام الزوار لمنع تكرار العطل. وأكد بيان الإدارة أنها وحدها مسؤولة عن الحادث، وأن لا علاقة للتقنيين في «ستوب بادوير» به.
والتحديث الذي كان مزمعاً وضعه، يهدف إلى منع القرصنة المعروفة بالـPhishing، أي ابتداع صفحة مشابهة لموقع شهير بشعاره واللوغو الخاص به، من أجل خداع المستخدم وسرقة معلوماته الشخصية، وحسب موقع pcinpact المتخصص، فإن «غوغل» عمدت منذ عام 2006 إلى وضع تقنية الحظر للمواقع التي يحللها محرك البحث عند القيام بطباعة كلمة ما، والعودة إلى ذاكرته وفحص الاستخدام المكرر لها، ويعمد بعدها إلى منع المستخدم من دخول هذا الموقع إذا ما كان يشكل خطراً أو يحوي فيروساً معيّناً، على قاعدة بيانات وتحليلات تقدمها الشركة المتعاملة ستوب بادوير، المدارة من قبل مركز بركمان لأمان الإنترنت، التابع لجامعة هارفرد، ومعهد الإنترنت في أوكسفورد، وتحت رعاية بادوير، تنتظم شبكة داتا للفيروسات والبرامج التجسسية والبوب آب.
نتائج هذه الحادثة غير واضحة المعالم، عدد مستخدمي غوغل الذين يشكّلون 70 في المئة من مستخدمي محركات البحث انخفض نهار السبت بمعدل 91,2 في المئة حسب نيكولاس بابان من معهد AT، وتعطل البحث خلال قرابة ساعة في كامل صفحات غوغل، وانخفض عدد زائري معظم المواقع العالمية، عدد زوار المواقع الفرنسية على سبيل المثال انخفض بين 30 و40 في المئة، ويقدر أيضاً أن مواقع التجارة تضررت بسبب هذا الانخفاض لاعتمادها كثيراً على البحث.
«لو جورنال دو نت» تساءلت في تعليق لها على الحادثة عمّا إذا كنا أمام سؤال جدي عن مدى نفوذ «غوغل» في عالم الإنترنت بعدما تعرقلت الشبكة بمعظمها نهار السبت، وتساءلت أيضاً عن قدرة المحرك على التحكم بالعلاقات بين المواقع والمستخدمين، وطالبت بإعادة التفكير في بديل محلي في كل بلد له مصالح على الشبكة ينوب عن غوغل، ويؤمن استقلالية محلية لاقتصاد الإنترنت وسيره، بينما تساءلت مقالة في صحيفة الإكسبرس عن مدى الضرر الذي لحق بصورة غوغل اللامعة في عالم المعلوماتية والمنزّهة عن الاختراق أو التعطل، وعن مدى صدقية «غوغل» في الرواية التي قدمتها عن العطل لم يكن عابراً بل دام لمدة زمنية طويلة نسبة إلى شركة بحجم غوغل.
لا شك إذاً، أن غوغل تلقّت ضربة ولو أنها ليست قاضية نهار السبت الماضي، والاعتذار الذي قدمته الشركة محاولة ربما للململة تداعيات الأربعين دقيقة من الجمود الإلكتروني الذي سبّبته على الشبكة، وفي محاولة أيضاً لضمان استمرار سيطرتها على عالم البحث، ومن ورائه عالم الإنترنت.