صباح أيوبأُعلن، بكل همجية، أني أكره الصلح. ولا مطرح له عندي. كذلك أكره السلام والأخوّة والتعايش أيضاً. أكرههم عندما يتصافحون ويبتسمون بغباء، بعد حفلات الدماء الماجنة. أكره ناسَهم الكثر في خلفيّة الصورة. أكره أن تدبّ الحياة فجأة بين خطوط التماس. مَن أمر بازالة المتاريس؟ لم ننته بعد. أكره الهدوء المفاجئ في مشاهد المسايرة والرياء و«العتب عَ قدّ المحبّة». أكره أن نكون «كلّنا لبنانيي... ولَووو!». أكره عبارة «التفاف الشعب» حول أي شيء. أكره فكرة «بناء الدولة» عندما تستعمل كماركة مسجّلة باسم شركة «حبّ الحياة & co». أكره الحديث عن «حبّ الحياة» مع كأس الفودكا. أكره الحلقة التي يتصالح فيها «توم» مع «جيري». أكره الطاولات المستديرة والحوار والصناديق على اختلاف أشكالها. أكره المشاريع الإنمائية والإعمارية والانتخابية ـــــ المشتركة. أكره أن يقول لي جاري مرحبا، وهو لا يطيقني. أكره ورشات العمل عن «الديموقراطية» و«حرية التعبير». أكره أن يصرّ ذلك التيار المسيحي على علمانيّته. وأكره أن تنتهي الحرب بين السُّبحات «المختلطة» والصلبان المشطوبة على خير. أكره رؤيته عميلاً لإسرائيل على تلفزيون «المنار» ثم أكره «المنار» لأنها عفت عنه بعد شهر. أكره أن لا تصرّ طائفة على إبادة أخرى. أكره أن يعتبرني ذلك الحزب المناطقي «صديقة» له. أكره «القوّاتيين»... من دون سبب. أكره أن يسكت الرصاص ليبدأ الشتم. أكره أن ننتصر قبل أن يُهزموا. أكره أن يتفقوا من دون استئذاننا. أكره أن يحفظ والدي تصريحاتهم ويناقشني بها. أكره كمية الابتسمات التي سترمى في هذا الموسم. أكره أن ليس لدي مسدس.
لذا، وإلى حينه، لا بدّ لي أن أختفي. حفاظاً على صحتي على الأقل وعلى سلامة المنابر والسيارات المصفّحة والسلم الأهلي. سأبقى في المنزل ربما، في غرفتي، في العتمة، تحت الشرشف السميك، أسمع «موزار» (فقط) وأراقب دوامات عمّال التنظيف. لا أعرف شيئاً إلا عن أحوال الطقس. ولا أسمع سوى صوته هو. وعندما يحين يوم الانتخاب، سأخرج، لأصوّت للمرشّح اليساري الوحيد في منطقتي. ثم أعود، وأنام مرتاحة البال: لن يفوز. لن أكرهه.