محمد زبيبلا يمكن الدفاع عن كل ما يقوله النائب ميشال عون أو يفعله، في الشارع أو في الإعلام أو في مجلس الوزراء أو في المجلس النيابي... فالرجل يشتغل في الحقل العام ويقود تياراً سياسياً وتكتلاً نيابياً، وكان قائداً للجيش ورئيساً لحكومة «ملتبسة» وخاض حروباً وعقد تسويات، وعاش في المنفى، وعاد ليخاصم من خاصم ويصالح من صالح، ونجح في حشد جمهور يسير وراءه وآخر يسير في وجهه... وبالتالي هو ابن هذه البيئة، يخطئ في أحيان كثيرة ويصيب في أحيان أخرى، كثيرة أيضاً... وهذا كلّه يجعل الاختلاف معه طبيعياً ويبرر استهدافه، كشكل من أشكال التنافس والتسابق على السلطة!
ليس هناك بلد يدّعي «الديموقراطية» إلا ويواجه أنواعاً من الحملات الإعلامية (والشخصانية) بهدف تجييش الناخبين ضد الخصم وإسقاط حججه وإثبات فشله وكشف خدعه... فالليبرالية الجديدة، وثقافتها المعممة، نجحت، إلى حدّ كبير، في طمس الصراعات الطبقية، فلم تعد البرامج السياسية تقسّم المتصارعين بين يمين أو يسار... بل صارت اللعبة الإعلامية هي الأداة الحاسمة لتشويه صورة الأخر، وهذه اللعبة تحتاج إلى درجة عالية من الدهاء، أو الكذب الذي ينمّ عن ذكاء وشطارة.
الحملات الحالية على ميشال عون تفتقر إلى «الذكاء»، والدليل أن المستهدف ينجح في إعلان انتصاره وفرض خياراته على خصومه: من التفاهم مع حزب الله إلى قانون الستين للانتخابات (الذي مثّل مطلباً مسيحياً مزمناً في زمن الوصاية السورية)، وصولاً إلى التقارب مع سوريا وإيران، مروراً بملفات التنصّت (عندما اضطر الجميع إلى القبول بشروطه بعدما شنوا حملتهم من دون أن ينجحوا في تحديد التهمة) وإجبار الحكومة على دفع فروقات الرواتب للموظفين (بعد تمنّع دام 10 سنوات) وإجبارها أيضاً على قبول خفض بعض أكلاف الهاتف... وهذه كلّها ليست بالإنجازات العظيمة بقدر ما تجسّد مطالب تشدّ المسيحيين أولاً والطبقة الوسطى عموماً إلى صاحب الفضل في تحقيقها، فهل يعقل أن يختار خصومه هذه الملفات بالذات لتأليب الرأي العام عليه. قد لا تتصل المسألة بميشال عون نفسه، بل بمصالح القلّة القليلة التي بدأ يهددها بالفعل، أو ربما بلغ الغباء درجة «الروليت الروسية».