حسام كنفاني5 و22 شباط، موعدان ضربتهما العاصمة المصريّة لإعلان اتفاق تهدئة جديد بين «حماس» وإسرائيل وانطلاق حوار المصالحة الفلسطيني. الموعد الأول يسقط اليوم مع تعثّر المفاوضات في القاهرة في ظل غموض الشروط الإسرائيلية وعجز القاهرة عن توضيحها، بانتظار ردّ الدولة العبريّة وتقديم ضمانات الالتزام بالاتفاق الجديد. انتظار قد يطول، ومن غير المستبعد أن يتخطّى التاريخ الثاني المفترض أن يكون مخصّصاً للحوارات الثنائيّة الفلسطينية. الموعد في الأساس كان مستغرباً، وكان من الواضح أنه حُدّد على عجل لاستباق مؤتمر إعادة الإعمار المقرّر في آذار، وضمان القدر الأكبر من المساعدات ما دامت الدول المانحة تشترط حكومة وفاق أو وحدة وطنيّة لتسلّم الأموال.
من الواضح أن مواعيد القاهرة لا تزال في عهد ما قبل العدوان على غزة. فالعاصمة المصريّة تحاول إملاء الشروط نفسها، سواء في التهدئة أو الحوار، التي كانت قائمة ما قبل «الرصاص المصهور»، متناسيّة أن حركة «حماس» التي ترى نفسها «منتصرة» في غزة، تحاول استثمار هذا «النصر» سياسيّاً لتعويض ما يمكن اعتباره «إخفاقاً» في الميدان. ومن المؤكّد أن الحركة الإسلاميّة لن تعود إلى الشروط التي كانت قائمة قبل 27 كانون الأول بالنسبة إلى التهدئة، ولا إلى ما قبل 11 تشرين الثاني بالنسبة إلى الحوار.
فلا تهدئة من دون رفع الحصار وفتح معبر رفح، ولو حزئيّاً. ولا مصالحة من دون فتح ملف منظمة التحرير، بعيداً عن دعوة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، التي أقل ما يقال عنها أنها «غير موفقة»، ولن تصبّ إلا في مصلحة تعميق الشرخ الفلسطيني، بغضّ النظر عن التبريرات التي يسوقها مشعل، والتحفظات الكثيرة التي تكون مطروحة على أداء المنظمة منذ ما بعد اتفاق أوسلو.
معطيات كثيرة تغيّرت. وعلى القاهرة، وهي الطرف الذي لا يستغنى عنه في هذه المعادلة الحواريّة، أخذها في الحسبان والبناء على حدها الأدنى من جديد، إذا كانت لا تزال حريصة على «دورها المحوري» في القضيّة الفلسطينية باعتبارها صاحبة «الحل والربط». وبالتالي فقبل التفاوض والحوار، لا بد من تهيئة أرضية بدل ضرب «مواعيد عرقوبيّة» غير قابلة للتطبيق. مواعيد تؤكّد أن القاهرة طرف إملاء شروط وليست وسيطاً نزيهاً.