رامي زريقما إن بدأت القنابل تتساقط على غزة، حتى انطلقت أصوات الاحتجاج والإدانة من حناجر المزارعين المتعاطفين مع زملائهم في فلسطين. أتت هذه الأصوات من كل أنحاء العالم... إلا من لبنان. فقد أرسل، على سبيل المثال لا الحصر، تجمّع مزارعي النيبال (نعم، تلك الدولة البعيدة على قمم جبال الهمالايا) برقية دعم عاجلة إلى مزارعي غزة مرفقة بعريضة تدين الاعتداء الصهيوني. وفي أميركا اللاتينية، نشرت شبكة «الدرب الفلاحي» عريضة تفضح فيها الهجوم الهمجي الذي دمر خلاله الكيان الغاصب سبل المعيشة الزراعية في فلسطين. أما النقابات الزراعية في لبنان، فلم يسمع لها حسّ، لا خلال العدوان، ولا بعده.
كيف يعقل أن يتعاطف تجمع فلاحين في المقلب الآخر من العالم مع مأساة مزارعي غزة بينما يصمت زملاؤهم اللبنانيون الذين عانوا الأمرّين على يد الصهاينة؟ وخصوصاً أن قنابل إسرائيل العنقودية لا تزال تغتال بعضهم في جنوب لبنان. هل تكمن المشكلة في المزارعين أم في تجمعات ونقابات لم تعد تمثّل طموحات أعضائها واهتماماتهم، سياسية كانت أم معيشية؟
أليست مسؤولية هذه التجمعات والنقابات تنظيم حملات الدعم لإخوانهم وأخواتهم في غزة، كما في أي مكان في العالم يتعرّض فيه الفلاحون للقهر والاستبداد؟ أم إن الطائفية استحوذت على عمّال الأرض وأصبحت إطارهم السياسي الوحيد؟
مزارعو لبنان، وخاصة الصغار منهم، هم أكثر من يعاني من اقتصاد السوق المتوحش الذي يحكم العالم. فكيف يتصدّون له وهم مشتّتون، غير منظمين وضعفاء؟
لا شك في أننا اليوم بحاجة إلى إطار يجمع الفلاحين والفلاحات من كل لبنان، ويتواصل مع الشبكات العالمية التي تناضل من أجل بناء مجتمع عادل. فالعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تأتي على يد مَن يستغل العمال والفلاحين لأجندات طائفية.