تعاني فروع الجامعة اللبنانية في الشمال من حراك سياسي سطحي، إذ تعمد القوى السياسية الموجودة فيها على التعبئة المذهبية والاكتفاء بنشاط واحد في السنة تعرف عبره عدد الموالين لها
طرابلس ـ إيلي حنا
لا تختلف الكليات الشمالية في الجامعة اللبنانية عن باقي فروع المناطق الأخرى بوقوعها في ثنائية «نظام الحزبين» في ما يتعلق بالعمل الطلابي. ففي الوقت الذي يسيطر فيه حزب الله وحركة أمل في الفروع الأولى، والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في الفروع الثانية، نجد تيار المستقبل ورابطة الطلاب المسلمين هما القوتان الأبرز في الفروع الثالثة.
وشهدت الفروع الشمالية في السنوات القليلة الماضية خرقاً تمثّل في احتلال «شباب العزم» (تيار رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي) مكانة رابطة الطلاب المسلمين لتصبح القوة الثانية بعد قطاع الطلاب في تيار المستقبل. فهذا التنظيم الطلابي استطاع كسب تأييد عدد كبير من الطلاب محققاً نتائج جيدة في انتخابات مجالس الطلبة كفوزه بجميع مقاعد كلية الصحة والأكثرية الساحقة من مقاعد معهد العلوم الاجتماعية وخرقه لوائح المستقبل ورابطة الطلاب المسلمين في كلية العلوم.
ويقتصر الحراك السياسي في كليات الشمال على بعض البيانات ونشاطات محدودة بغرض تعبئة المناصرين أو نفي ما يشاع عن غيبوبة تعيشها بعض القوى، وهذا ما تفعله قوى المعارضة التي تكتفي بتوزيع البيانات (حتى الآن بيان واحد عن غزة) واقتصر نشاطها السنة الماضية على بيانين فقط وإقامة «أسبوع عماد مغنية».
يغيب إذن، عموماً، النشاط الفعلي لطلاب المعارضة، وعلى ما يبدو يعود السبب لتسليم هؤلاء بعبثية الكلام عن اختراق محتمل للقوى المهيمنة ما أدّى إلى بيانات مبنية على ردّات الفعل وتركيب لوائح «آخر لحظة» في الانتخابات، مع تسجيل نقطة إضافية لتيار المردة على حلفائه في الحراك بسبب اعتباره الشمال مكان عمله الطبيعي.
أما قوى الأكثرية فاكتفت السنة الماضية مثلاً بإحياء ذكرى 14 آذار بندوة شارك فيها النائب سعد الحريري عبر الهاتف. من جهتها، تكتفي القوات اللبنانية بتوزيع نشرتها المركزية مع بعض البيانات الأخرى التي غالباً ما تستهدف حزب الله، مطمئنّة إلى وجود تيار المستقبل كرافعة انتخابية إلى جانبها.
ولجأ المنافسون الجدد، أي شباب العزم، إلى أساليب لا تمتّ إلى العمل السياسي بصلة (وإن كانت أهدافها سياسية ـــــ انتخابية)، عبر «مكتب الخدمات الطلابية» الذي يوفّر المقررات المجانية ودورات التقوية في بعض المواد بالإضافة إلى تسجيل بعض الطلاب في بداية السنة الدراسية. هذا لا يؤكد الشلل التام في العمل السياسي عند بعض القوى الأخرى مع وجود محاولات خجولة لتثبيت الوجود كبعض البيانات والملصقات لطلاب الحزب الشيوعي، أو مجموعة «لا للطائفية، لا للحرب» التي نظّمت توقيع عريضة ومعرض صور.
أزمة العمل السياسي في الفروع الثالثة واتخاذها الشكل التعبويّ بصيغته التحريضية والاتكال على الخدمات، جزء من أزمة النظام اللبناني الذي يعتمد قادته الأسلوب نفسه، فكما تغيب (أو تُغيّب) التشريعات الإصلاحية والاقتصادية عن أهدافهم، تغيب قضايا الجامعة اللبنانية، من الدفاع عن حقوق الطلاب إلى عدم المطالبة بالإسراع في البناء الجامعي الموحّد.