البقاع ــ نقولا أبورجيلي "ساعة من ساعاتو بتقضي كل حاجاتو"، قول مأثور درجت ألسنة المزارعين على تناقله عند هطول الأمطار، خصوصاً بعد انحباسها لفترة طويلة. وهو القول الذي كان يردده مزارعو البقاع خلال اليومين الفائتين، ومنهم المزارع منير شكر (40 عاماً) الذي اقتنع أن "شباط بيّضها"، لاسيما أنه صاحب جرار زراعي كان قلقاً من تأخر هطول الأمطار التي وحدها يمكنها أن تحد من خسائر المزارعين المتلاحقة بفعل العوامل الطبيعية، في ظل تجاهل الدولة القطاع الزراعي.
إنحباس المطر هذا العام، أعاد الفلاحين بالذاكرة الى أعوام سابقة. ويذكر كبار السن منهم ما حصل أواخر خمسينيات القرن الماضي، حين شهدوا موجة جفاف مخيفة، "حتى أن المياه لم تبلل الجانب السفلي من الـ"كدرة" (أي التكتلات الترابية التي تظهر فوق الأرض بعد حراثتها)". وقد لجأ المزارعون يومها إلى تخزين كميات من الحنطة خوفاً من انقطاعها بسبب عدم نمو المزروعات.
إلا أن مخاوف المزارعين هذا العام بددتها نسبياً أمطار شباط، التي وإن لم تف بالحاجة إلا أنها أسهمت جزئياً بالتخفيف من أعباء تكاليف دفع ثمن محروقات لتشغيل محركات الآبار الأرتوازية وتأمين ريّ المزروعات الشتوية مثل: القمح والشعير وغيرها. "خصوصاً بعدما زادت نسبة مساحاته المزروعة من 65 الى 85%، بسبب إرتفاع أكلاف المنتجات الأخرى، إضافة إلى نحو 5 الآف دونم، مزروعة بأصناف البصل والثوم والفول والبازيلا وانواع أخرى تساعد في نموها مياه الأمطار لأشهر عدة"، هذا ما قاله أمين سر نقابة المزارعين في البقاع عمر الخطيب، الذي لفت إلى أن الهاجس الأكبر عند المزارعين حالياً هو كيفية تأمين مياه الري لباقي المنتجات الزراعية في الربيع والصيف، مع تدني منسوب المياه الجوفية.
وعن التدابير التي يمكن إتخاذها لتجنب ذلك، رأى الخطيب إن إستمرار الحكومة بدعم مادة المازوت يشكل عاملاً أساسياً للتخفيف من أعباء تكاليف إستخراج المياه من باطن الأرض، التي يسعى أصحابها حالياً، إما إلى حفرها مجدداً للوصول الى مجاري مياه جوفية أكثر عمقاً، أو البحث عن مجاري أخرى محتملة بالطرق التقليدية المعتمدة. وأثنى الخطيب هنا على دور قيادة قوى الأمن الداخلي والمعنيين في وزارة الطاقة والمياه في تسهيل أمور المزارعين، والسماح لهم بحفر آبار جديدة، بعيداً عن الروتين الإداري بالاستحصال على رخص قانونية بحسب الأصول المتبعة.
وجدّد الخطيب المطالبة بدفع التعويضات للمزارعين الذين تضررت مزروعاتهم جراء حرب تموز 2006، مستغرباً المماطلة بهذا الموضوع، الذي من شأنه أن يساعد هؤلاء على إستمرارية العمل في القطاع الزراعي.