أحمد محسنظنّ المارّون من هناك، حيث أقف، أني عمود كهرباء، ولست رجلاً حقيقياً. مرّت الطائرات الحربية مساءً، ضربت الوحشة التي تحيطني. ألقى ألله مطره على ظهري. فكرت لو أتسلق الطرقات البعيدة، سيراً على الأحجار. الطريق إلى منزلها طويلة، والناس هناك لا يحبونني. فكرت بالله مجدداً، وبالمطر. ربما أنا لا أصلح لما أنا عليه. أحنيت ظهري كدبّ، يحتاج إلى حضن يؤوي شراسته، وطرحت على نفسي السؤال الأصعب: هل أنا أحبّ؟
دميتي نائمة. أسمع تنهّداتها. أرسم لها على أضواء السيارات ألمي. أتخيّلها تدسّ خدها في معطفي، تهتم بي، وأنا لا أحد يهتم بي. أبتسم هنا، أعوّض عن وحشة الدببة التي تصيبني، بطيف ينساب بين جدران الشارع الفقير. أنا أجبن من صوتها، أخاف مني عليها. ولو أنّها لا تخاف لجمعت ستة مليارات بشري أمامها، وصرخت في وجههم. ستكتفي هي بابتسامتها القاتلة وحسب.
تنظر إليّ مستغربة، كيف أكون كبيراً إلى هذا الحدّ، وأفرح بيدها، كأنها أعطتني للتوّ لوح شوكولا.