بعلبك ــ علي يزبكمع بزوغ كل فجر، يتسلّل حسين نحلة من سوق الخضار في بعلبك، جارّاً عربته بهدوء، تفادياً للفت أنظار الشرطة البلدية إليه. فقد ملّ ذاك الخضرجي انتظار زبائن يمتنعون عن زيارة السوق الذي افتتحته بلدية بعلبك عام 2005 ضمن إطار مشروع إزالة البسطات وعربات الخضار التي كانت تنتشر بفوضى وعشوائية في شوارع مدينة الشمس، ويفضّل، عوضاً عن الانتظار ومراكمة الخسائر، أن يجرّ عربته في شوارع المدينة وأزقتها على أن يركنها طوال النهار في مكان ثابت لا يبيع سوى النزر اليسير من الخضار.
فسوق الخضار «الذي جهزته البلدية بخيمة كبيرة وبسطات حديد واستأجرت له طريقاً تمرّ في أملاك خاصة»، كما يصفه الخضرجي أبو قاسم الجمال، يشهد حركة خجولة، بالرغم من أنه يقع على بعد أمتار قليلة من السوق التجارية، وخلف سرايا بعلبك الحكومية.
أما السبب الأساسي لهذا الركود، فهو «السوق الشعبية الي تُفتح يومي الأربعاء والسبت من كل أسبوع عند المدخل الجنوبي لبعلبك»، كما يؤكد الخضرجي عباس حسن، «لأنه يحتوي على كل ما يحتاج إليه المستهلكون، ولا سيما الخضار، ما يجعل ارتياده أكثر عملية بالنسبة إليهم، إذ يؤمّنون جميع حاجاتهم دفعة واحدة من هناك».
يتباهى الجمال بأنه أول من التزم قرار منع عربات الخضار من السوق التجارية ودخل بعربته السوق، لكن نتيجة التزامه كانت كارثية عليه، يشرحها وهو يشير إلى نحو عشرة صناديق من البرتقال باتت على وشك التلف قائلاً: «كنت أبيع ضعفيْ هذه الكمية في يوم واحد خارج السوق. ورغم أن السوق تضم موقفاً كبيراً للسيارات، إلا أن حركة الزبائن الذين يتبضّعون منه خفيفة جداً». خلال السنوات الأربع الأخيرة، انخفض عدد البسطات والعربات في السوق المستحدثة إلى نحو النصف، رغم لجوء البلدية إلى إعفاء الخضرجية من تسديد رسوم كانت تُفرض عليهم قبل افتتاح السوق. فتلك المبادرة لم تكن كافية لتعويض «الخسائر الفادحة التي لحقت بهم»، كما يؤكد أبو قاسم عثمان، مضيفاً أن ذلك قد دفعهم إلى هجره وتدبير أمورهم في مهن أخرى، بينما «بقينا نحن الذين لا نملك خياراً آخر سوى الصبر، نتحمل حرارة الصيف وبرد الشتاء في هذا المكان المفتوح، لأننا نعجز عن إيجاد مكان آخر نعمل فيه».