أسعد سمّورلا تزال رائحة الإشكال المدفون في تسويات تفوح من بقايا الحطام المبعثر في كلية الحقوق والعلوم السياسية ـــــ الفرع الأول، في الجامعة اللبنانية. يقترب شباب مجلس الفرع من الطلاب ويدعونهم إلى مغادرة المكان بلهجة محببة رغم الورم وما يشبه «التشطيب» الظاهر على وجوه بعضهم قائلين: «أحسن شي نفركها، خبيني ما تخلي الدكتور يشوفني هربان من الصف». ينسحب البعض بهدوء باعتبار أنّ الجو المشحون لا يزال في النفوس. في الزوايا تتهامس المجموعات المبعثرة من الطلاب بما حصل. تسترق تعليقات مثل «شباب الحركة تخَّنوها»، «بس لو الحزب وطّى الصوت»، «الحق على الإثنين»... يخيّم الهدوء المطبق في الملعب لا تخرقه سوى بعض النكات والقهقهات التي تنفجر لدى رؤية الشكل الذي أصبحت عليه الكلية. «شر البلية ما يضحك»، يقول أحدهم. ويعلق ساخراً: «شوفوا كيف صار الموقع!». فمجسم منصة الصواريخ التي كان الحزب قد وضعه في المكان دُمّر بالكامل وتبعثرت أكياس الرمل، أو «الدشمة». هنا يتدخل أحد الطلاب المستقلين فيقول: «يا حرام ما قدروا يحرقوه». يعقّب آخر: «لو حرقوا الأكياس كنا أخدنا هلق دزينة كبايات عالبيت». ويردّ الأول: «والله يا حبي هني حرقوهن بس ما عرفوا عملوهم كبايات». هكذا انتشر الزجاج المحطم أمام غرفة مجلس الفرع في كلية الحقوق، ويبدو أن «شباب المجلس» تأثروا بإحدى رسوم ناجي العلي، حيث يستر المواطنون عورتهم بالشعارات، فستروا نوافذهم المحطمة بصور القادة. يمتد خط الحطام باتجاه كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، وهي معقل حزب الله الملاصقة إن لم نقل المتحدة بكلية الحقوق، حيث الوجود الطلابي شبه معدوم والخراب هو نفسه ما عدا مجسم المنصة والدشم. وحده الزجاج المحطم كان يجول ويصول في الكليتين الجارتين، إذ خفّت حركة عمال الصيانة. في المكتبة، يبحث البعض عن مراجع لأبحاثهم ويهم آخرون بالخروج مرددين: «الجو كتير مسموم».
ورغم غياب أي قرار رسمي بتعليق الدروس، خلت القاعات الدراسية من الطلاب إلا ما ندر، حتى أنّ أحد الأساتذة سأل ممازحاً مجموعة من الطلاب كانت تقف خارج إحدى القاعات: «شو عم تعملوا هون يللا عالبيت». وكان قد تردد في أوساط الطلاب أنّ القوى الأمنية أفرجت عن بعض المحتجزين على خلفية الحادث. وقدّر البعض كلفة الخسائر في الكليتين بـ50 ألف دولار أميركي.