سمية العليشعرت بنفسي خفيفة كريشة. لكن مع ثقل يعكّر مزاجي، يسجن أفكاري ويمنعها من الخروج إلى الهواء، ليسمعها مَن حولي، فيبدون إعجاباً بها أو يعتبرونها مجرد هراء أو هذيان، فيرمقونني بنظرة لامبالاة. بعد لحظات تفكير وتحليل، اعتبرتك ذلك الثقل، فقررت نزعك ورميك بعيداً. بعدما خرجت مني، رأيتك وقتها كشخص يقف أمام ناظري، فتأمّلت تفاصيلك بفضول، كأني أراك للمرة الأولى. أردت لمس ذلك الجبين، وتلك النظارة المضحكة...
أردت توجيه صفعة لذلك الوجه المتعجرف، لتلك اليد التي أعشق ما تكتب. رأيتك شخصاً مجرداً من الأكاذيب، لكن محاطاً بهالة من العبثية المفرطة جعلتني أضحك إلى ما لا نهاية...
أتعلم أنّك تملك أنفاً غريباً يحتاج إلى عملية تجميل! تركتك ماثلاً أمامي، فتحت حقيبتي، أخرجت منها أوراقاً تخصّك، كتاباً كنت قد قرأته بنصيحة منك، عطراً كنت تحبه وعلبة سجائرك. حملت هاتفي النقّال لأمحو رسائلك ورقمك. حتى إني فكّرت بأن أجلب محققاً ليرفع بصماتك عني وعن جميع ممتلكاتي الخاصة. حتى إني لم أعد أريد تنشّق رائحتك في الهواء!
وضعت خطة سيري إلى الجامعة والعمل من دون المرور في أماكن تحمل ذكراك. فكّرت بكل ذلك قبل أن أشعر بثقل أكبر يجتاحني، ثقل فراغك في داخلي، ثقل الحنين والاشتياق. أسرعت للإمساك بك وإعادتك إلى ما بين أجزائي، ومعك عادت الأوراق والعطر والبصمات إلى مكانها المعهود. عدت أسير في كل مكان أنت فيه والخفة ترافقني!