تعمل جمعية «نبع» منذ بداية العدوان على غزة على استطلاع آراء شباب مخيمات الجنوب سعياً إلى تصحيح الآثار السلبية للعدوان عليهم
الرشيدية ــ آمال خليل
الدعارة، المخدّرات، الأمن وحمل السلاح، الحد من الجريمة وضبط ظواهر العنف بين المراهقين، وخصوصاً في الإشكالات الفردية التي يستخدمون فيها السكاكين والشفرات والعصي. هذه هي الأوضاع الاجتماعية والأمنية في مخيمات الجنوب التي يريد بعض سكانها الشباب تغييرها إذا ما عُيّنوا المسؤول الأول عن المخيم. وفق ما استُخرج من أجوبة بعض الاستمارات التي توزعها وتجمعها جمعية «نبع» على فتيان وفتيات فلسطينيين تراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والسادسة عشرة يعيشون في مخيمات الجنوب. من بين هؤلاء الشباب من يتلقى تعليمه في مدارس الأونروا ومنهم من تسرب من المدرسة.
تشتمل أسئلة الاستمارة التي بدأ توزيعها خلال عدوان غزة وينتهي آخر الشهر الحالي، على تأثير الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الفلسطينية الحالية على الشباب داخل فلسطين المحتلة ومخيمات الشتات. وبحسب خالد عثمان، أحد المشرفين على نتائج الاستمارات التي ستؤدي إلى وضع تقرير شامل عن هذه الفئة العمرية في المخيمات، فإنّ العدوان على غزة «يرخي بظلاله الكثيفة على أجوبة المستطلعين ويضعهم في مواجهة جديدة مع حصار من نوع آخر تفرضه نتائج العدوان السياسية والنفسية خصوصاً».
ومن خلال الاستمارات وشعارات حديثة كتبت على الجدران وتواصل العاملين في جمعية «نبع» مع الأطفال والفتيان والشبان في مخيم الرشيدية ذي النزعة الفتحاوية، فإن العدوان «وجّه معظم آرائهم نحو اعتبار حماس ممثلة للمقاومة وأنّ الشيخ أحمد ياسين بات يمثلهم، فيما كان التوجه تاريخياً نحو حركة فتح». وفي ما خصّ المرجعية السياسية التي يثقون بها لقيادة المخيم، انتخب المستطلعون حماس. وإذ خلت الآراء الواردة في معظم الأحيان من النزاعات العلنية والمبطّنة بين مناصري فتح وحماس في الرشيدية وغيره من المخيمات وحل مكانها الاتحاد في فصائل المقاومة الفلسطينية لمواجهة إسرائيل، فإنّ العدوان على غزة لم يُنسهم بل زاد من شعورهم بأنهم يعيشون «لاجئين في سجن كبير لا نهاية له»، بحسب ما أجاب الكثيرون.
ويظهر من الأجوبة أنّ شاباً في الثالثة والعشرين من عمره توفي إثر تناوله جرعة زائدة من المخدّرات قبل أسبوعين في المخيم، فيما تتزايد بطريقة مخيفة وعشوائية ظاهرة تناول المهدّئات العصبيّة.
ومن بين أهداف الاستمارة، استكمال تبيان الآثار التي كدّسها عدوان غزة وراكمها على الأطفال الفلسطينيين الذين يؤكدون أنه «بعد غزة جايينا الدور». ويوضح رائد عطايا من الجمعية أن «نبع بالتعاون مع شبكات حماية الطفل التي تضم عدداً من الهيئات الأهلية المعنية العاملة في المخيمات ومحيطها، وضعت منذ اليوم الأول للعدوان خطة طويلة لمواجهة آثار العدوان عليهم وتعزيز أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي التي لم تتوقف منذ انتهاء عدوان تموز». ومن بينها، إطلاق مشروع التدعيم الدراسي الذي يستفيد منه 70 طالباً من مدارس الأونروا في الرشيدية وحدها حيث يتولى نشطاء نبع، يومياً بعد انتهاء الدوام المدرسي، مساعدتهم على إنجاز فروضهم ودروسهم.
إلى جانب ذلك، تقوم الجمعية بنشاطات لاصفِّية وجلسات تفريغ يشرف عليها اختصاصيّون اجتماعيون ونفسيون يقومون بالتدخل الاجتماعي مع الأهل في البيت، وخصوصاً بعدما أهمل الطلاب دروسهم وتوقّف بعضهم عن المداومة خلال العدوان. وتنشط بالتعاون مع بعض مديري مدارس الأونروا، حلقات تدريبية للأساتذة بشأن الأساليب الحديثة للتعامل مع الطلاب بطرق بديلة لا عنفية، إضافةً إلى تحويل بعض المديرين الحالات النفسية والمدرسية الصعبة والمستعصية إلى «نبع». ويشير عطايا إلى أن «خطط الدعم تلحظ الضغوط النفسية الاجتماعية التي زاد منها العدوان الأخير على فئات المجتمع الفلسطيني، صغاراً وكباراً».