سوزان هاشمخلسة، تسلّلت آمنة (18 عاماً) إلى أحد مقاهي «النت»، في مخيم الرشيدية. أما سبب الذهاب «خلسة»، فهو أن العادات في المخيم تحظر على الفتيات ارتياد مثل هذه المقاهي التي تبقى حكراً على الشباب. بيد أن آمنة التي تجاوزت «حظر الأهل»، لم تنجُ من «القيل والقال» الذي انهال عليها لمجرد دخولها مكاناً يعج بالشباب. فنادراً ما تجرؤ فتاة المخيم على دخول تلك «الأماكن». لذا، تبرر أم عمار رفضها السماح لبناتها الراشدات بارتياد هذه المقاهي، التي هي في الحقيقة مجرد محال، بأن العادات تمنع ذلك، «فمن الأفضل لها أن يقبعن في المنزل جاهلات على أن تتلطخ سمعتهن». أما شراء حاسوب منزلي؟ فأمر بعيد المنال. إذ إنّ الأحوال المادية لأغلب الناس هنا تحوم حول خط الفقر مع ميل لا يقاوم للسقوط تحته.
هذا الواقع يسجن فتاة المخيم في دوامة الحياة التقليدية الضيقة. تأسف عبير (20 عاماً) لأن دورة المعلوماتية التي خضعت لها عبر إحدى الجمعيات ذهبت هدراً، وذلك لعدم توافر جهاز كمبيوتر لديها، ومنعها من ارتياد مقاهي «النت»، ما يجعلها تمضي الوقت في تبادل الأحاديث مع الجارات، وخصوصاً أنها تركت مقاعد الدراسة بعد رسوبها في الشهادة المتوسطة.
أما حنان (19 سنة)، فهي أفضل حالاً، بعدما تعرفت إلى «جمعية نبع» مستفيدة من دورة تأهيل للفتيات المتسربات التي تابعت فيها دورات كمبيوتر. تقول حنان إنها تتردد على مركز الجمعية المجهز بالكمبيوتر والإنترنت المجاني. وتصف التجربة بـ«الانتقالية» إذ استطاعت من خلالها التواصل مع العالم، ليس فقط عبر «التشات» بل «لايف» عبر الناس الذين تلتقيهم هناك، بعدما كانت سجينة الملل. عالم المعلوماتية عزز ثقة انشراح (18 سنة) بنفسها عبر فيض المعلومات الذي اكتشفته خلال تصفّحها الشبكة العنكبوتية.
وتتحدث رشا عايش من جمعية نبع عن المشروع، الذي أتاح للكثير من الفتيات والأمهات أيضاً، الاحتكاك بعالم المعلوماتية وعزّز تواصلهن في المجتمع، وخصوصاً أن النساء مهمّشات في المجتمع الفلسطيني، مشيرةً إلى أن نسبة الأميّة المعلوماتية داخل المخيم تفوق 50%. وتردف قائلة «حاولنا افتتاح محل إنترنت للفتيات في الرشيدية تديره إحدى الفتيات، بيد أن ظروف مديرة المحل الشخصية حالت دون ذلك، لكننا عازمون على تحقيق المشروع».