غادة دندشفي استفتاء نُشرت نتائجه في ملحق «مدام فيغارو» الفرنسي، تبيّن أن 84% من الفرنسيين يثقون بقدرة النساء، لا الرجال، على إخراجهم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. التأكيد على قدرة النساء على لعب دور مهم لمواجهة الأزمات الاقتصادية الكبيرة لم يصدر عن جمعية نسائية تطالب أو تؤيّد المساواة بين النساء والرجال، بل هي نتيجة دراسة قام بها ميشال فيراري، مؤسّس مركز متابعة «تأنيث» المؤسسات ومديره. لقد اعتمد فيراري في دراسته على التقارير التي قدّمتها أربعون شركة فرنسية من الشركات الرائدة مثل شركة Renault و LVMH و BNP Paribas وغيرها.
درس فيراري تأثير زيادة عدد النساء في مراكز القيادة والقرار على إنتاجية الشركة وعلى أدائها. وتبيّن أن الشركات التي تملك العدد الأكبر من القيادات النسائية هي التي صمدت بشكل أفضل أمام تداعيات الأزمة الاقتصادية، شركة Hermes مثلاً حققت نمواً في إنتاجها في بداية العام الجاري، في هذه الشركة تمثّل النساء 55% من القيادات الكوادر في موقع القرار. يقول فيراري «علينا التخلي عن الأحكام المسبقة بشأن فعالية المناصفة بين النساء والرجال في المؤسسات والشركات، لأن أصحاب الشأن الذين ينظرون إلى الأمر على أنه انغماس في تحقيق العدالة الاجتماعية على حساب الربح الاقتصادي، يجب أن يدركوا أن الوقائع تشير أكثر فأكثر إلى أن هذه المناصفة هي ضمانة لاستمرار النمو والربح بالمعنى الاقتصادي الصرف». وتؤكّد دراسة فيراري أن النساء أكثر اعتدالاً في تنفيذ الصفقات والمشاريع، وأنهن يملن إلى وضع أسس للعمل تضمن الاستمرارية، فيما الرجال يسعون دائماً إلى تحقيق الأرقام المالية الكبيرة وخوض المنافسات الشرسة.
يقول فينسينت دو غولوجاك، عالم الاجتماع ومدير «مختبرات التغيير الاجتماعي»، إن النساء كنّ منذ فجر التاريخ المسؤولات عن اقتصاد العائلة وإدارة شؤونها الداخلية وضمان استمرارية وضعها المعيشي واستقراره، وأن ذلك قد أكسبهن خبرة ومعرفة فطرية في كيفية الحفاظ على ثبات الأوضاع القائمة خلال الأزمات. وتبدو تجربة ماري كريستين داجيلير، التي تقود منذ أربع سنوات فريقاً من تسعة أشخاص يعمل ضمن شركة عالمية ضخمة، مثالاً في هذا المجال، حيث تبرهن أن النساء يتفوقن في قدرتهن على تنظيم الفروع المختلفة وتحديد الأولويات لكل منها، وأنهن يتمتعن بقدر عال من الانفتاح، بما يكفل التضامن الصلب خلال الأزمات داخل الفريق الواحد وبين الفرق المختلفة. كما أنهن قادرات على إدارة عدد من العمليات أو المشاريع في آن واحد، ويتمتعن بالقدرة على الابتكار والمحافظة على الكثير من عوامل النموّ خلال المراحل التي تضطرّ فيها الشركات إلى خفض موازنتها.


رؤية جديدة

إن النساء يملكن مقاربة في إدارة الشركات مختلفة عن عقلية أصحاب القرار في المؤسسات الدولية، لذلك يصح السؤال عن الدور الذي تستطيع أن تلعبه الكوادر النسائية لمعالجة الأزمة المالية


الحوار والتجديد

استعداد المرأة إلى الاستماع وإطلاق الحوار والميل إلى القبول بالتغيير والتجديد هي من خصائص الإدارة القائمة على المشاركة في اتخاذ القرار، ما يُسهّل مواجهة الأزمات وتفادي تكرارها