احتفل بعض اللبنانيّين بعيد العشّاق بالاعتداء على شركائهم في الوطن. فقام شبان بطعن مشاركين في مهرجان ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالسكاكين وضربهم بالعصيّ بينما قام آخرون بإطلاق النار ورشق المارّة بالحجارة في بيروت والجبل والبقاع والشمال
محمد نزال
توفي صباح أمس المواطن لطفي زين الدين، نتيجة تعرضه لطعنات عدة بالسكاكين في منطقة السوديكو، وذلك لدى عودته من ساحة الشهداء ومشاركته في ذكرى «14 شباط»، وقد نقل على أثرها إلى مستشفى رزق في الأشرفية للمعالجة، لكنه ما لبث أن فارق الحياة، وسيشيّع جثمانه اليوم الاثنين في بلدته الشبانية ـــ المتن الأعلى. وأفادت تقارير أمنية أن تضارباً حصل بين المغادرين من ساحة الشهداء وأشخاص مجهولين، نتجت منه إصابة زين الدين بثلاث طعنات سكين في ظهره، كما أصيب ولده بسكين في رأسه وخاصرته، نقل على أثرها إلى المستشفى. من ناحية أخرى، ذكر مسؤول أمني، أن أفراداً من أحد التنظيمات المحسوبة على الأقلية النيابية، وعددهم ثلاثون شاباً تقريباً، دخلوا منطقة رأس النبع قبيل انتهاء المهرجان، ولدى مرور العائدين من شارع عمر بن الخطاب، اعتدوا عليهم بالعصيّ والسكاكين.
وفي رواية أخرى، أكد أحد شهود العيان، أن سيارة تحمل علم «الاشتراكي» توقفت في منطقة الضناوي، وعند اقتراب 4 مواطنين نحوها دهسهم السائق، ما أدى إلى إصابة اثنين منهم، أحدهما جروحه بالغة ويدعى «أبو وائل»، وقد فرَّ السائق مسرعاً دون أن تستطيع القوى الأمنية الموجودة في المنطقة إيقافه. ويضيف الشاهد إن هذه الحادثة كانت الشرارة الأولى لتصاعد الإشكالات وتنقّلها في المناطق، إذ جرى قطع الطريق وتوقيف بعض المارة، ولم يعد باستطاعة المسؤولين عن بعض التنظيمات الموجودة في المنطقة السيطرة على الأفراد، مشيراً إلى أنه سمع أحدهم يقول «ما تفعلونه خطأ، والقيادة لا ترضى بذلك»، فنهروه ولم يمتثلوا لتعليماته. ويلفت الشاهد إلى أنه لاحظ قبل ليلة 14 شباط وجود بوادر للإشكالات، حيث كانت تتنقّل «دوريات الدراجات النارية من الطرفين»، وكانت هناك حركة لافتة تنبئ بوقوع ما قد وقع.
وأثناء عودة المشاركين في مهرجان 14 شباط، وقع إشكال في منطقة المشرفية تقاطع مار مخايل، إذ إنّه أثناء مرور سيارة من نوع (بي أم لون أسود) وبداخلها شخصان، أقدم عدد من الشبان على التعرض لها، وعند محاولتها الفرار باتجاه منطقة حي ماضي، صدمت شخصاً بطريق الخطأ، بحسب ما أوردت تقارير أمنية، فعاد المحتشدون واعترضوها وأقدموا على تحطيمها وضرب من فيها. ووقعت حادثة أخرى في المنطقة نفسها أثناء مرور 4 مواطنين في سيارة من نوع (هوندا) حيث أقدم مجهولون على الاعتداء عليهم بالضرب، ما أدى إلى إصابتهم بجروح وتحطيم السيارة، وقد فر الفاعلون إلى جهة مجهولة، بحسب ما أكدت التقارير الأمنية نفسها. من جهة أخرى، أكد مسؤول مقرب من الأكثرية النيابية أن أفراداً من «حزب الله» وقفوا حاجزاً بين الطرفين، وبذلوا جهوداً لحماية المتظاهرين العائدين أول من أمس.
وحصلت عدة إشكالات أخرى، في مناطق بشارة الخوري، زقاق البلاط، الضنّاوي، كركول الدروز، خندق الغميق، الزيدانية، تقاطع مار مخايل، قصقص وشاتيلا، وقد أفادت تقارير أمنية أنه جرى فيها تضارب بالأيدي والعصي، وتحطيم بعض السيارات ورشق بالحجارة أدت جميعها إلى إصابة عدد من المواطنين بجروح ورضوض وكسور، عرف منهم سمية ي، محمد ر، كارمن ح، سمير ع، فراس ع، نور ع، محمد م، ماهر ف، أكرم ح، عدي س، محمد ب، إبراهيم ن، مصطفى خ، جعفر ي، أسعد ش، شكيب أ، نديم أ، كميل ك. وقد نقلوا جميعاً إلى عدة مستشفيات، منها المقاصد ورزق وأوتيل ديو والجامعة الأميركية.
الإشكالات لم تقتصر على منطقة بيروت وضواحيها، فقد أطلق مجهولون النار من سيارة من نوع «نيسان» في منطقة بحمدون، باتجاه «فان» قادم من منطقة بعلبك، وأوردت تقارير أمنية، أنه أصيب داخله المواطن خالد غ، بطقلين ناريين في ظهره، نقل إثرها إلى مستشفى قلب يسوع وهو بحالة حرجة، كما أصيب المواطن بلال ن، تحت إبطه الأيمن بطلق ناري وجرحه طفيف. وبحسب التقارير الأمنية نفسها فقد عرف من الفاعلين، مالك ح، وجمال ص، وهما متواريان عن الأنظار.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام في زحلة أن مجهولين أقدموا على إحراق منزل مواطن مقيم في بلدة قب الياس. وقد حضرت القوى الأمنية وعاينت المنزل وفتحت تحقيقاً لمعرفة خلفياته والفاعلين.
وبعد ظهر أمس، حصلت عدة ردود فعل على مقتل زين الدين، منها قطع طريق ضهر البيدر في منطقة بحمدون، حيث أطلق أحد الأشخاص النار على سيارة نقل (فان) تحمل ركاباً من البقاع إلى بيروت. وقد تمكّنت القوى الأمنية من توقيف المشتبه فيه بإطلاق النار.
وأكّد مسؤول أمني رفيع أن جميع القوى رفعت الغطاء عن المخلين بالأمن.

بيانات نعي واستنكار

استنكر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الحادث الذي أودى بحياة زين الدين. وخلال تعزيته ذوي الشاب، أعلن أن الملف تجري معالجته كما عولج «ملف الزيادين»، مضيفاً «لا عدوّ لنا في الداخل، عدونا فقط هو إسرائيل»، مردفاً «هناك خلاف سياسي كبير في الداخل، نعم، ونحن اخترنا التخاطب الهادئ، والجيش قام بواجبه». وأضاف جنبلاط «أعلم أن حركة أمل وحزب الله يستنكران كما نستنكر نحن»، داعياً إلى «التروّي وتشييع الشهيد، فهذه هي رسالتي لكم يا أهل الفقيد».
بدوره نعى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «المواطن الشهيد لطفي زين الدين، الذي التحق بقافلة شهداء مسيرة الحرية والاستقلال، بعدما امتدت إليه يد الغدر أثناء عودته من المشاركة في إحياء الذكرى الرابعة لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، مهيباً بالسلطات الأمنية والقضائية المختصة «في هذه المناسبة الأليمة أن تقوم بمسؤولياتها، لملاحقة المعتدين على المواكب السلمية للمواطنين اللبنانيين، ولا سيما منهم عناصر الشغب، المسؤولين عن ارتكاب جريمة الشهيد زين الدين».
من جهة أخرى، نفى مصدر إعلامي مسؤول في «حزب الله» عبر بيان له «أي علاقة لحزب الله بالإشكالات التي حصلت في بيروت أول من أمس»، وأسف لقيام «البعض بزج اسم الحزب فيها، فيما تعرف الجهات الرسمية كذب هذه الادعاءات». وأهاب المصدر بوسائل الإعلام «توخي الدقة قبل بث معلومات غير صحيحة».
من جهته، أسف «تيار التوحيد اللبناني» للحادث، مستنكراً «كل عمل يسيء إلى حرية التعبير والتظاهر والحق في إبداء الرأي ولو كان مخالفاً»، مطالباً الأجهزة الرسمية المختصة «بكشف المتسبّبين بالحوادث وملاحقتهم وإحالتهم على القضاء لكي تنال العدالة من كل من يسيء إلى حرية التعبير والحق في التظاهر والنزول إلى الشارع بطريقة سلمية وحضارية». واستنكر «الحزب الشيوعي» الحادث، منبّهاً «من خطر الانجرار وراء حروب طائفية ومذهبية يستفيد منها أعداء لبنان».
واستنكر وزير الثقافة تمام سلام الحادث، معتبراً ما حصل «ممارسات حاقدة»، داعياً إلى «رفع الغطاء عن العابثين بالأمن».


الجيش يوقف مشتبهاً فيهموقد صدر أمس بيان عن مديرية التوجيه في الجيش جاء فيه «على أثر أعمال الشغب التي حصلت بعد ظهر أمس (أول من أمس) في بعض أحياء بيروت، وفي منطقة بحمدون، والتي أدّت إلى وفاة أحد المواطنين وإيقاع أضرار في الممتلكات العامة والخاصة، تقوم قوى الجيش بملاحقة عدد من الأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب تلك الأعمال، لتوقيفهم وتسليمهم إلى القضاء المختص. إن قيادة الجيش، إذ تحذّر المتمادين بالتعدي على سلامة المواطنين وحرياتهم، تؤكد أنها لن تتهاون مع أي إخلال بالأمن والاستقرار».
كما أعلن رئيس الأركان في الجيش اللواء شوقي المصري بعد تقديمه التعزية إلى آل زين الدين في الشبانية أن الجيش سيُوقف جميع المعتدين بمن فيهم قتلة زين الدين. وكان النائب وليد جنبلاط قد أكّد من الشبانية أن الجيش «أوقف الذين قتلوا لطفي زين الدين».