أمل عبد اللهيتسبب التلوث بزيادة حدة العوارض المرضية عند ثلثي الأشخاص المصابين بالربو، هذا ما بات معروفاً بالنسبة إلى عدد كبير من الباحثين والمشتغلين في الشأن الصحي، لكن أبحاثاً جديدة أجريت في مركز الدراسات الجينية البيئية في جامعة سينسيناتي، تشير إلى أن أثر التلوث لا يقتصر فقط على إثارة العوارض المرضية بل يتعداه ليزيد من إمكان الإصابة بهذا المرض.
بيّنت هذه الدراسة أن التلوث الناشئ عن حركة المواصلات قد يتسبب بتغيرات جينية عند الجنين، تزيد من احتمال إصابة المولود لاحقاً بداء الربو. وهذه هي المرة الأولى التي يثبت أثر التلوث على الجينات كما يقول الخبراء.
سجّل الباحثون مقدار تعرض الأمهات خلال فترة الحمل لـpolycyclic aromatic hydrocarbons PAHs، وهي مواد كيميائية تنشأ عن احتراق الوقود وتتركز في أماكن ازدحام السير. أما الجينة موضوع الدراسة فتُعرف بـ ACSL3 وتلعب دوراً في عمل الرئتين. وقد وجد الباحثون علاقة قوية بين التغيرات الكيميائية المؤثرة في عمل هذه الجينة وارتفاع درجة التعرض لـ PAH، إذ بيّنت فحوصات أجريت على دم أخذ من الحبل السري لـ56 طفلاً، أنه أعيدت برمجة هذه الجينة نتيجة التعرض للغازات المنبعثة من السيارات. ورُبطت الجينة بالإصابة بالربو في سن الخامسة.
يشير الباحثون إلى أن التغيّر لا يطال بنية الجينة، بل يقتصر على نشاطها، فبنتيجة التفاعل بين المحيط والجينات خلال المراحل المفصلية في تطور الجنين، تُعاد برمجة الأنسجة كي لا تعمل طبيعياً، ما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض في وقت لاحق من الحياة.
رغم الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد نتائج هذه الدراسة، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن مراقبة التغيرات التي تطرأ على عمل جينة الـASCL3، ستساعد في التشخيص المبكر لمرض الربو الناشئ عن التلوث عند الأطفال، وهذا الأمر سيساعد على تلافي تطور هذا المرض الذي يصيب 25% من الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي ترتفع فيها نسبة التلوث الناجم عن المواصلات.