دعاء السبلانيوصايا ونصائح تتناقلها الأجيال أباً عن جد، تفتقد إلى الإثبات العلمي وتشيع بين الناس، ومنها مثلاً ما سمعناه مراراً وتكراراً «لا تتناولوا السمك مع الحليب أو إحدى مشتقاته»، ويعزو المتحدثون بهذه النصيحة سبب مخاوفهم إلى ما توصلت إليه «أذهانهم» من اكتشافات طبية، إذ ثمة اعتقاد شائع بأن تناول السمك واللبن في خلال وجبة واحدة أو في اليوم نفسه أمر قد يسبب التسمم.
وصايا الأطباء تدحض هذا المعتقد الموروث والمتداوَل، وتنصح بالابتعاد عن تصديق كل ما يُقال. الدكتورة فرح نجا أستاذة التغذية البشرية في كلية التغذية والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت تقول: «لا يؤدي تناول السمك مع الحليب أو مشتقاته إلى حالات تسمم كما يعتقد الكثير من الناس، واللافت أنّ ثمة اعتقاداً شائعاً في بعض المناطق، كطرابلس، مفاده بأن تناول السمك مع الحليب يسبب الجنون».
وتشير نجا إلى أن أكبر ضرر يسببه تناول نوعَي الأطعمة المذكورة هو عسر هضم أو «تلبّك» معوي يؤدي أحياناً إلى ألم في المعدة لا يستمر طويلاً، وهذا لا يستدعي الخوف والذهاب إلى المستشفى أو الطوارئ. وتفسر نجا سبب هذا الضرر بالقول «إن السمك يحتوي على كمية كبيرة من البروتينات ويحتوي اللبن أيضاً على كمية ضخمة منه أو ما يسمى High protein load ، كما أن أنزيمات (Enzymes ) كل منهما تختلف عن الأخرى، فالأنزيمات التي تفرَز لهضم اللبن ليست هي نفسها التي تُفرَز لهضم السمك». تضيف نجا «لكن تناول السمك النيء واللبن يمكن أن يؤدي إلى ضرر أكبر من ذلك الذي يسببه السمك المشوي. وفي الأساس، فإن المطبخ العربي لا يُحبذ تناول النوعين، وهذا غير وارد فيه أيضاً».
وتختم نجا بتقديم نصيحة تدعو فيها إلى الابتعاد عن «الأقوال المأثورة الخاطئة لأنها في أغلب الأحيان تكون خالية من الدقة وغير مثبتة علمياً».
أخيراً لا بد من التساؤل: كيف شاع أن السمك واللبن لا يجتمعان، فيما يكثر ترداد عبارة «سمك، لبن، تمر هندي» تدليلاً على أهمية هذه المواد في السفرة العربية؟