هدى بياسيهناك، على الضفّة الأخرى من العالم، حيث يعيش أناسٌ لا ينتمون إلينا إلّا بِصِلة، هل ترانا نعطيهم حقّهم؟ هؤلاء الذين لا يحق لهم سوى أن يتناسلوا، لأنّ هذه العملية هي الوحيدة التي تثبت وجودهم واستمرارية قهرهم. فلننظر إليهم بحواس الإنسانية، لأن العين وحدها لم تَعُدْ تكفي. زيارةٌ واحدةٌ إلى هذه البقعة المنسيّة من الأرض، لكي تعلم أن الله اصطفاك على المتشرّدين. هم شعبٌ بدأ يمتهن المحنة التي ظننّا جميعاً أنها انتهت بانتهاء الحرب.
أهل هيروشيما وحدهم يعلمون حجم الدّمار وإلى كم سنة تحتاج الأرض لإعادة إحياء نباتها. والمياه الملوثة التي يحتمون بها من العطش، لم تَعُدْ تحميهم من الوباء فأينَ نحن؟
لن أقول أين الضّمير، أو المروءة والشهامة والإنسانية، فكلّها أصبحت كلمات مستهلكة في حقل الخزي المعجمي. وإنّه لَمن العار أن نثأر من شعب تأثرت منه الحياة، فنبذته وألحقت به لعنة الموت أنّى رحل.
ولو فهمناهم أو قرأناهم، لعرفنا أنّهم شعب لم يبع أرضه، بل اشترى حياته بثمن الموت.