حاول مواطنون شجعان كثيرون قبل اليوم ممارسة حقهم بعدم التصريح بالطائفة. أشهرهم يبقى المحامي سامي الشقيفي، «الفدائي» بحسب ما وصف نفسه. فقد أقدم الشقيفي أوائل الستينيات على رفع دعوى ضد... الحق العام، يطلب فيها شطب اسم المذهب عن بطاقة هويته. يروي الشقيفي (في مقابلة نادرة معه نشرت في مجلة «حقوق الطلاب» التي كانت تصدرها «حركة حقوق الناس» في كانون الأول من عام 2001): «عام 1936 أسّسنا، ميشال غريّب، محمد الغلاييني وأنا، الحركة العلمانية الديموقراطية التي تحوّلت في ما بعد حزباً، وكان من أهدافها إقرار الزواج المدني في لبنان وشطب المذهب عن الهوية. وفي عام 1968 ورد في بالنا أن نقيم دعوى. بداية، أقمناها باسم الحركة فرُدّت استئنافاً، لأنه ليس للحركة صفة لتقيم دعوى شطب مذهب عن هويات أعضائها. عندها أقمتُ الدعوى باسمي ضد الحق العام، ردّت القاضية إيف شهاب الدعوى، واستأنفنا ضد محكمة الاستئناف الأولى برئاسة المرحوم يوسف جبران وعضوية المستشارين أحمد شحاده وإدمون معلوف، وصدر الحكم بإقرار شطب المذهب ليس عن هويتي فحسب، بل في خانتي، يعني أصبحت بلا مذهب وبلا طائفة، وهذا ما جعل أنسي الحاج يكتب في النهار مقالاً يقول فيه إن سامي الشقيفي لم يعد في إمكانه الزواج أو الموت، فأين يدفن، في أي مقبرة؟ الحكم هزّ البلاد، كنت على أبواب الخمسين (مواليد 1917) كان الحكم معولاً في جدار الطائفية، فما دخل الدين بالمواطنة؟». وسامي الشقيفي لا يريد إلا أن يكون مواطناً لبنانياً، وشرعة حقوق الإنسان لا تميّز بين المواطنين على أساس أديانهم. يقول: «اتصل بي كثيرون يطلبون التقدم بدعاوى مماثلة، لكني أستمهلتهم، وخصوصاً أنني استأنفت الدعوى ولم أنفّذ الحكم، لأنه إذا طبّقته وحذفت المذهب من خانتي، أفقد إمكان العيش في لبنان». يتابع: «الاستئناف فتح لي باب الفرج (..) فالحكم كان عندي عذراً للاستئناف والتمييز، ومحكمة التمييز فزعت من الحكم لخطورته، لأنها المرة الأولى، فأحالته على الهيئة العامة لمحاكم التمييز كلها مجتمعة لتنظر في الدعوى. يوسف جبران كان «مكعّيهم»، وقد نقلوه بعد الحكم لكي لا يطلع بثانٍ مثله. والهيئة العامة فزعت أيضاً، قصدتُ رئيس القضاء الأعلى آنذاك إميل أبو خير وسألته ماذا حصل بالدعوى، ألا تريدون البتّ فيها؟ فرد عليّ: دفنّاها».يتذكر الشقيفي رفاقه الذين تنصّلوا من الدعوى عندما شعروا بخطورة شطب المذهب من الخانة. «نحن لم نقصد هذا. هدفنا كان شطب اسم المذهب عن الهوية، والناس فهمت ذلك، وكنت أتوقع أن يهاجمني رجال الدين، إلا أن المغفور له المفتي الشيخ حسن خالد قال في خطاب: «إن سامي الشقيفي ليس خارجاً على الدين، بل يعبّر عن روحه الوطنية ويهدف إلى إبعاد القشور التي تقسّم المواطنين وتميّز بينهم».
هل ساعدك اسمك في الدعوى، وهو لا يوحي بانتماء لطائفة؟
يجيب: «نعم ساعدني، فكان لبنانياً ويناسب الجميع، وعندما عرفوا أنني مسلم الولادة زادوا الدعاية للحكم، فصرت نجم الصفحات الأولى».
(الأخبار)


«شمل» تقرن القول بالفعل

قدم أعضاء جمعية «شمل»، لدى مديريات الأحوال الشخصية، طلبات شطب القيد الطائفي من سجلات نفوسهم. وتقول المبادرة إلى تأسيس الجمعية الناشطة الحقوقية المدنية الدكتورة أوغاريت يونان: «بديهي أن يبادر «شباب مواطنون لاطائفيون لاعنفيون إلى طلب شطب القيد الطائفي». تزيد: «الشباب الذين تقدموا بالطلبات، خضعوا لدروات تدريب تتعلق بالبعد القانوني لهذه الخطوة، وبآلية تقديم الطلب. ومن البديهي أن من ينتسب إلى جمعية أو حزب لاطائفي أن يقرن القول بالفعل ويبادر فوراًَ إلى تقديم طلب شطب القيد الطائفي». تضيف: «المبادرات الفردية جيدة، ولكن تقديم الطلبات جماعياً سيكون له وقع أقوى على الرأي العام».