أرجأ مجلس النواب البحث في قانون خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة إلى السادس عشر من آذار المقبل، وأرجئت معه آمال الشباب بحصولهم على حقوق المواطنية الكاملة مقابل استخدامهم وقوداً يومياً في حروب الزعماء السياسيين
ديما شريف
كان من المفترض أن تعتصم اليوم أمام مجلس النواب مجموعة من الشباب اللبناني للضغط على نواب الأمة بغية إقرار تعديل على قانون الانتخاب، يعطي الحق لمن أتمّ الثامنة عشرة من عمره للمشاركة في الانتخابات النيابية. لكنّ التحرك تأجل إلى السادس عشر من آذار المقبل، وهو الموعد المبدئي لمناقشة الموضوع على جدول أعمال الجلسة العامة للبرلمان. تأجيل لم يستغربه أكثر المتفائلين بإقرار القانون، بسبب الإحباطات المتلاحقة التي يعانيها الشباب اللبنانيون كلما تعلق الأمر بإعطائهم حقهم في تحديد ممثليهم. وسيكون ربما السادس عشر من آذار يوم الحسم بالنسبة إلى هؤلاء، وعندها سيُكشف على الملأ السياسيون الذين كانوا يبيعون الشباب كلاماً.
«تعودنا على الإحباطات»، يقول رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني عربي العنداري لدى سؤاله عن أمله بإقرار قانون خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة. ورغم ذلك يرى العنداري أنّ هناك احتمالاً بإقرار القانون لأنّه لن يطبق سوى في الانتخابات البلدية المقبلة. ويقول العنداري إنّ الشباب سيشعرون بأنّهم حققوا مكسباً إذا أُقرّ بسبب عدم وجود أي إصلاحات في البلد، وتالياً فإن أيّ حق طبيعي وبديهي يقرّ يصنّف في خانة الإنجازات، رغم أنّ الطبقة السياسية «تخرق حقوقنا به». ويعتقد العنداري أنّ خفض سن الاقتراع سيكون إصلاحاً جزئياً لقانون الانتخاب، وعلى أهمية كل الإصلاحات الأخرى، لكنّها لا توازي إدخال النسبية على قانون الانتخابات لأنّها الإصلاح الحقيقي.
في المقابل، يبدو مسؤول منظمة الشباب التقدمي، ريان الأشقر، أكثر تفاؤلاً بإمكان إقرار القانون في الجلسة العامة المقبلة لمجلس النواب. ويقول الأشقر إنّه ليس من المفروض فقدان الأمل، وخصوصاً أنّه مطلب يجمع شباب قوى 14 آذار و8 آذار على السواء. ويعوّل الأشقر على التحركات السابقة والزيارات التي قامت بها المنظمات الشبابية إلى سائر المسؤولين والقيادات السياسية «وقد أوصلنا رسالتنا». يضيف الأشقر أنّ الجهود كلها تتحول الآن نحو التنفيذ.
«لم يعد هناك رجال في مجلس النواب لتقول كلمتها وتطبقها»، يقول رئيس لجنة الشباب والشؤون الطالبية في التيار الوطني الحر فادي حنا. ويضيف أنّ الثقة في النواب اختفت، إذ إنّهم يغيّرون آراءهم بسرعة. «لم يعد يهمنا ما يقولونه لنا، نريد أن نرى أفعالاً. فليتوقفوا عن بيعنا الكلام». يعزو حنا التأخر حتى الآن في إقرار هذا الحق الأساسي، إلى خوف السياسيين من الشباب «لأنّه لا يمكن شراؤهم بسهولة».
ويقول حنا إنّ المنظمات الشبابية في المعارضة جالت على كلّ المرجعيات السياسية وتنتظر موعد الجلسة التي أدرج على جدول أعمالها القانون، وسيُتّفق بين مكوّنات المعارضة على أي تحركات إذا لم يقر خفض سن الاقتراع.
هذه الجولات على السياسيين يراها رئيس قطاع الشباب والطلاب في حركة الشعب أحمد قمح غير مجدية وفولكلورية، لأنّها لم تؤدّ إلى نتيجة. ويضيف قمح أنّ شباب الأحزاب الكبرى المشاركين في اللجنة التي جالت على القيادات كانوا يستطيعون الضغط على نوابها في البرلمان لإقرار القانون. ويقول قمح إنّه إذا خُفض سن الاقتراع، فسنكون أمام عملية تجميل لقانون الستين البشع جداً، لكنّها، في سائر الأحوال، تبقى فرصة للشباب كي ينالوا حقهم بعد نضال طويل، حتى لو حصل من خلال تسوية. لكن قمح يبقى متشائماً حيال إقرار القانون لأنّ «السياسيين يكذبون ويعيشون ازدواجية كبيرة».


الحملة الشبابية

بدأت التحركات الشبابية للضغط باتجاه خفض سن الاقتراع إلى ثمانية عشر عاماً منذ منتصف التسعينيات، وتحديداً في 1994، ولم تتوقف أبداً. وتنوّعت النشاطات بين التظاهرات والاعتصامات وحملات جمع تواقيع الشباب في الجامعات المختلفة. وكان من أبرز المنادين بها الأحزاب والمنظمات الشبابية اليسارية التي عملت في الجامعات على تجييش الرأي العام الشبابي لمناصرة هذه القضية المحقة، إلى جانب حزب الله الذي أطلق الحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع منتصف العقد الماضي.