فاتن الحاج«دمّروا كل إشي فيّ بس أنا بدّي حاول أقضي على هيدا الدمار ... بدّي صير مذيعة أخبار، صحافية لفرجي العالم إيش عم يصير فينا...»، تعود شهادة جميلة، الطفلة الفلسطينية التي بُترت ساقاها في العدوان على غزة لقناة الجزيرة لتنعش الذاكرة الطرية خوفاً عليها من اليباس. تحضر حكاية جميلة وغيرها من حكايات غزة في معرض جامعة «سي أند أي» الأميركية للثقافة والتعليم عن «حصار فلسطين موت وحياة».
في الطبقة السابعة، تدعوك 124 صورة فوتوغرافية علقت في المكان إلى التأمل والتأثر من دون أن تدع العين تتألم طويلاً. لا تترك الصور فرصة إشاحة النظر كونها اختيرت من الوكالات لتعكس أحلام الأطفال وصمودهم قبل توثيق الدمار والمجازر والنزوح داخل الوطن. قد تختزل صورة الطفل، الذي عاد إلى بيته المدمر في غزة ليبحث عن كتابه وقلمه، رسالة معرض المرئيات. ولأنّ اللغة تصاب بالشلل في حضرة المأساة، تشرح مسؤولة العلاقات العامة في الجامعة حنان هاشم «أنّنا اخترنا التعبير بالصور التي تواسي أطفال غزة بتجسيد الحياة التي تليق بنضالهم». تستوقفك في المقابل، صورة لمستوطن إسرائيلي يصلّي قبالة الصواريخ وأخرى لجندي صهيوني يتناول سكاكر «سبايدرمان». وفي المعرض كتابات صحافية خطت أيام العدوان ورسوم كايكاتورية للرسام الفلسطيني ناجي العلي وأخرى لرسام برازيلي ورسامين عرب من وحي حرب غزة. يراكم المعرض، حسب النائب علي عمار الذي رعى حفل الافتتاح جهداً إنسانياً وطنياً وقومياً لإسقاط الجرثومة المسماة إسرائيل.
يعرض المنظمون فيلماً وثائقياً من ثماني دقائق عن الحرب أعدّته قناة المنار قبل أن يبثّوا عبر شاشة كبيرة مقاطع مرئية وصوتية على مدار الساعة. تسترقّ السمع لقصيدة الشاعر تميم البرغوثي «خبروا ستي أم عطا» فتتوقف عند عبارة «في يدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية». ثم يصلك صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش يقول «خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا»، وهي جملة مقتطعة من قصيدة «عابرون في كلام عابر»، لتتوالى بعد ذلك الشهادات الحية لأطفال وعائلات فلسطينية تروي تجربتها لمحطات تلفزيونية.
تنظم الجامعة بالتعاون مع رابطة بيت المقدس لطلبة فلسطين المعرض الذي يستمر أسبوعاً كاملاً حيث تتخلله أمسيات شعرية وعروض لأفلام وثائقية عن النكبة الفلسطينية.