محمد زبيبالمشاركون في المنتديات التي تنظّمها بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان لا يحبّذون طريقة «الأخبار» في التذكير الدائم بمصير توصياتهم السابقة. فهم يرون أن هذه الطريقة لا تساعد في صون توافقاتهم المفترضة، التي تحتاج إلى قدر كبير من التشجيع والحث «الإيجابي» بدلاً من الانتقاد، كما يرون أن التركيز على «التكاذب» يقلل من حظوظ نجاح المساعي التي يبذلها السفير باتريك لوران لدفع هذه التوافقات إلى مرحلة التنفيذ عبر إقرار آلية محددة، تُناقش حالياً، تطال التمويل وصياغة المشاريع التفصيلية وسبل إقرارها لدى المؤسسات الدستورية!
في الواقع، شارك ممثّلو جميع الكتل النيابية وبعض الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام في أربعة منتديات نظّمتها البعثة، منذ أيار عام 2007، تناولت: التنمية الاقتصادية، السياسات الاجتماعية، تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأخيراً المنتدى بشأن الزراعة الذي يختتم أعماله اليوم وتُعلن توصياته في مؤتمر صحافي غداً الجمعة... وقد خرج المشاركون بتوافقات محددة من كل منتدى، تجسّد «تسويات» الحدّ الأدنى التي يمكن أن ينخرط فيها الجميع. وساد الاعتقاد أن بعض هذه «التسويات» ستُترجم في مشاريع قوانين أو مراسيم عشية الانتخابات النيابية، باعتبار أن «المتوافقين» يمثّلون الآن كل المجلس النيابي وكل الحكومة، وبالتالي سيضطرون إلى التنافس على الظهور بمظهر الحامي لمصالح المواطنين وحقوقهم والداعم لبناء دولة المواطنة العادلة والقوية والقادرة... إلا أن هذا الاعتقاد بدا فيما بعد شديد السذاجة، إذ إن «التوافق» الوحيد الذي التُزم به هو المتعلق بإبعاد هذه المنتديات عن «الإعلام» إلى أقصى مسافة ممكنة، فيما المجلس النيابي والحكومة ذهبا في اتجاهات متناقضة كلياً مع «التسويات»، ومنها على سبيل المثال: وضع مشروع للتقاعد والحماية الاجتماعية مرفوض من كل المعنيين به، وضع مشروع البطاقة الصحية على عكس التوصية باعتماد نظام تغطية صحية لجميع المواطنين المقيمين يموّل عبر الموازنة بدلاً من الاشتراكات، إقرار زيادة مشوّهة على الأجور تختلف عن القاعدة التي توافقوا عليها لتحسين سياسة الأجور واستهداف 40 % من مجمل الأجراء ممن يُعتبرون غير نظاميين ويعانون أوضاعاً قاسية...
وراء هذه الصورة «الكاريكاتورية» مشاريع ستُمرر وتمويلات ستُصرف... فما الضير من التواطؤ على «كذب» إضافي...؟ لذلك لا يحبّذون طريقة «الأخبار».