حسام كنفاني«السلطة الفلسطينية تقترض من المصارف لتسديد رواتب موظفيها». الخبر يبدو غريباً في ظل وعود المنح التي أطلقتها الدول الغربية والعربية في مؤتمر باريس في كانون الأول عام 2007. 7.7 مليارات دولار وعود، وصل منها حتى نهاية العام الماضي مليار و700 مليون دولار، بحسب رئيس حكومة تسيير الأعمال، سلام فياض. ومع ذلك لا أموال لدى حكومة رام الله. وبغض النظر عن المساءلة عن آليات إنفاق أموال المانحين، وما إذا كانت صبّت في موازنة السلطة الفلسطينية أو في جيوب المحسوبيات والمنتفعين، وهم كثر جداً في رام الله وجوارها، فإن المؤكّد هو أن «جمهوريّة» محمود عبّاس تعيش حال إفلاس. إفلاس ليس مقتصراً على الاقتصاد، بل يتعداه إلى السياسة بعد توقّف مفاوضات التسوية بفعل التغيير الإسرائيلي والأميركي. السلطة اليوم بلا مشروع سياسي، باعتبار أن المفاوضات كانت الغاية والوسيلة طوال عمر حكم محمود عباس، الذي ورّط نفسه بالتزامات أمنية مجّانية بلا مردود سياسي، أفرغت السلطة من أوراقها. رفع غصن الزيتون في كل المواسم وأسقط ما دونه عبر تدجين بعض المقاومين ومحاربة الآخرين. هي اليوم تنتظر مشاريع الآخرين لتسير في ركبها. تترقب نتائج المشاورات الإسرائيلية لتأليف حكومة لترى هيكلها ورؤيتها للمفاوضات الماراتونية اللامتناهية. عينها على واشنطن بانتظار أن تحدّد إدارة باراك أوباما الطريقة المناسبة لإدارة ملف الشرق الأوسط وعملية السلام.
لكن بصرف النظر عن نتيجة الانتظار، فإن السلطة عوّدتنا على قدرتها على التكيّف مع ما يخرج من إسرائيل والولايات المتحدة. فلا بديل بالنسبة إلى عباس من المفاوضات، ولا جرأة لديه على إعلان رفض الدخول في تسوية غير مضمونة النتائج، ما دامت مرتبطة بتفقد أموال المانحين على «دولة المؤسّسات» المفلسة.
على المقلب الفلسطيني الآخر، هناك إفلاس معاكس. وإذا كانت استراتيجيّة سلطة رام الله «التفاوض للتفاوض»، فإن حكم «حماس» في قطاع غزّة، المنتشي بالصمود والقدرة على البقاء بعد عدوان غزّة، يعتمد استراتيجيّة «المقاومة للمقاومة». لا خيار موازياً ولا مشروع بديلاً ولا جواب عن سؤال «ماذا بعد؟».
الفلسطينيون منقسمون بين المشروعين. قد تكون محاولة «المزاوجة» بينهما في القاهرة أحد الحلول، لكنّ النجاح لا يزال غير مضمون.