تسلّم مؤسسة «وعد» اليوم، رسميّاً، خلال احتفال حاشد، مفاتيح العودة لأصحاب الوحدات السكنية في خمسة مبان تقع في مجمع الرز السكني في العباسية في صور، كانت قد أعادت إعمارها، وبأجمل مما كانت عليه، بعدما دمرها العدوان الإسرائيلي في تموز 2006. وفيما تعود عائلات إلى منازلها بعدما صدقت «وعد»، تنتظر قرى بأكملها العودة إذا ما صدقت الدولة وأنجزت دفع التعويضات عن الأضرار
صور ــ آمال خليل
بينما يقضي اليوم أصحاب الوحدات السكنية الخمسين أولى لياليهم في مجمع الرّز السكني بعد شتات قسري دام اثنين وثلاثين شهراً، يتخلّف اثنان من جيرانهم السابقين عن الاحتفاء بتسلّم كل منهما لشقة سبق أن باعها قبل أن يتسلّمها رسمياً من «وعد»، الشركة التي أسسها حزب الله إثر حرب تموز والتي أعادت إعمار ما تهدّم هناك. خيار يشرح الجيران فوائده، مؤكدين أن «بيع أيّ منا لشقته أو تأجيرها هو استثمار ناجح بسبب ارتفاع أسعار العقارات المضطرد في منطقة صور منذ ما بعد عدوان تموز، فضلاً عن مميزات الشقق التي بنتها «وعد» بأجود المعايير
الهندسية».
بدءاً من اليوم، سيكتمل المشهد في مجمّع سكني اختارت له «وعد» اللون الأصفر طلاءً خارجيّاً بعدما أعادت بناءه في المكان الذي تصدّى فيه المقاومون والجيش اللبناني لإنزال إسرائيلي خلال عدوان تموز، سمّي يومها «إنزال الرز» على اسم المجمّع الذي دمّر.
أما بعد خمسة أشهر، حين تحلّ الذكرى الثالثة للإنزال، فلن يشير إلى تلك الواقعة سوى النصب التذكاري الذي دشّنه حزب الله في ذكراه الثانية.
وكان العائدون مباشرة بعد انتهاء العدوان قد أوكلوا «وعد» قبض شيكات الدفعتين الأولى والثانية من تعويضات الأضرار التي صرفتها لهم الهيئة العليا للإغاثة، واستخدامها في عملية الإعمار، علماً بأن المهندس المشرف على الإعمار، دراسةً وتنفيذاً وإشرافاً، علي يونس، أكد لـ«الأخبار» أن استكمال الشقة السكنية الواحدة «يفوق مبلغ الستين مليون ليرة الذي قررته الحكومة قيمة للتعويضات». أما نفقات إنجاز الإعمار التي زادت عن التعويض، فعلى حساب «وعد»، وخصوصاً أن سكان المباني لم يتقاضوا حتى الآن الدفعة الثانية.
إلا أنه، على بعد أمتار قليلة من المباني السعيدة، لا تزال هناك ثلاثة مبان لم تنجز بعد، فيما هناك مبنى واحد لم تبدأ ورشة إعماره في مجمع الرز. ومثلها، ينتظر أصحاب شقق مبنى وزني في منطقة الحوش في صور تسلّمها قبل تموز المقبل.
وفيما تنتظر «وعد» أن يصدق المتعهّد ويسرع في إنجاز المباني، يفيد أكرم زلزلي، أحد القاطنين في مبنى وزني «أن المتعهد توقف عن العمل قبل عشرين يوماً احتجاجاً على خلافات بينه وبين إدارة وعد، وترك العمل في الورشة معلَّقاً». خلاف يكاد استمراره أن يكون كارثياً، وخصوصاً أن أصحاب الشقق التي استأجرتها العائلات قد أمهلوهم حتى تموز المقبل حداً أقصى لإخلائها.
ورغم أن حزب الله كان قد واصل للسنة الثانية على التوالي توزيع مبالغ مالية لأصحاب الوحدات المدمرة بدل إيجار منازل بديلة، إلا أن الدفعة الثالثة كانت لستة أشهر لا لعام كما كانت في السنتين الماضيتين، على اعتبار أن من المقرر عودتهم إلى بيوتهم قبل حلول الذكرى الثالثة للعدوان.
وبموازاة احتفال اليوم، وعلى بعد أمتار منه، يتجمع في مقر مجلس الجنوب مئات المتضررين لمراجعة إنجاز ملفات تعويضاتهم للعودة إلى ديارهم التي يعتمدون فيها على الحكومة. العشرات من بلدات زبقين وصديقين وكفرا ودير قانون النهر ودير قانون رأس العين والناقورة والعباسية وشحور يتوافدون لتسلّم 1321 شيكاً هي رزمة التعويضات الأخيرة التي حوّلتها الهيئة العليا للإغاثة إلى مجلس الجنوب منذ 15 يوماً حتى الآن، وتشمل الدفعة الثانية عن الترميم والهدم. ويؤكد رئيس مركز مجلس الجنوب في صور المهندس فضل الراعي أن «جميع الدفعات الأولى من التعويضات على الأضرار الجزئية والكلية قد أنهت الهيئة تحويلها إلى مجلس الجنوب وبدأنا بدفع المرحلة الثانية من التعويضات التي يبدو أنها طويلة الأمد». إشارة إلى أن الرزمة التي حوّلتها الهيئة قبل أقلّ من شهرين شملت شيكات من الدفعة الأولى تعود إلى ثلاثة مواطنين من طيرحرفا، وآخر من الحوش تعويضاً عن الهدم الكلي، وخمسة من دبعال عن الهدم الجزئي لمنازلهم.
ولا يمثل تحويل الهيئة العليا للشيكات عبر مصرف لبنان إلى مجلس الجنوب آخر الفرج الذي ينتظره المتضررون، قياساً بحجم الأخطاء التي تشوب عدداً كبيراً من الشيكات، وخصوصاً لناحية صحّة الأسماء الثلاثية أو بسبب نقص وثيقة رسمية تؤكد ملكية الأرض والبيت. ويؤكد مختار بلدة زبقين رائف بزيع أن «30 شيكاً من أصل مئة تعود إلى متضررين من زبقين شابتها أخطاء في الأسماء نعمل على تصحيحها لأن أي حرف خاطئ في طباعة الشيك يسبّب في إرجاعه إلى مصرف لبنان ويؤخر إعادة صرفه لستة أشهر على الأقل».
من جهته، ينقل رئيس البلدية علي بزيع «انتظار الأهالي لتسلّم الدفعة الثانية من التعويضات التي طالت، فيما زبقين تبدو كغابة باطون لا قدرة لأهلها على تلوينها واستكمال إنجاز البيوت بسبب تراكم الديون عليهم وتأخر التعويضات». أما حسن بزيع فيشير إلى أن «صرف الدفعات الثانية لا يشكّل سوى جزء يسير من تعويضات أضرار العدوان إذا ما انصرفنا إلى إحصاء المحال والمؤسسات الصناعية والتجارية المتضررة والأضرار الزراعية وخصوصاً في مواسم التبغ التي يعتاش منها 80 في المئة من السكان». ويرى حسن أن «وعد تصدق اليوم بإعادة خمسين عائلة إلى خمسة مبان، فمتى يصدق وعد الدولة ونرجع إلى حيّنا ونحيي ذكرى العدوان الثالثة في أرضنا» يقول!