رامي زريقأظهرت الدراسة الجديدة التي أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن صدورها، أن نسبة تفوق 60% من عائلات صيادي الأسماك في لبنان تعاني من تدني مستوى المعيشة. وهو واقع يعانيه كل العاملين في البحر، وخصوصاً في البلدان الفقيرة. فقد نشرت صحيفة الغارديان منذ بضعة أسابيع تحقيقاً عن «عبيد البحر»، وهم الصيادون الكمبوديون الذين يُختطفون ويُسخّرون للعمل من دون أي أجر على متن قوارب الصيد في تايلاند، إلى أن يطلق سراحهم بعد سنوات. ومع التغيرات التي طالت النظام الغذائي في البلدان الغنية وزادت من الطلب على الأسماك، تغيّر نمط الصيد، فتقلص نشاط القطاع الحرّ منه، بينما نما نوعه الصناعي الذي يتم بواسطة أساطيل من البواخر العملاقة الأشبه بالمصنع العائم منها إلى القارب. تحصد شباك هذه البواخر كل ما في قاع البحر وتدمّر منظوماته البيئية، كما تساهم في انقراض الأصناف التي يعتاش على صيدها صغار الصيادين. وتساهم البلدان الكبيرة والغنية، لا سيما تلك التي تنافق بالديموقراطية وبحقوق الشعوب، في هذه المجازر التي تنتهك حقوق الصيادين المحليين.
تحصل هذه التجاوزات على مقربة من سواحل معظم البلدان الأفريقية، وخاصة تلك التي يحكمها نظام فاسد وضعيف أو دولة غائبة. وقد صرّح العديد من القراصنة الصوماليين الذين اختطفوا عدداً كبيراً من البواخر التجارية أن سبب قيامهم بهذه الأعمال يعود إلى الصيد الجائر وغير القانوني الذي تمارسه سفن البلدان الغنية في مياهم، والذي يؤدي إلى تدمير سبل عيشهم.
يؤكد هذا الواقع أن ظروف صيادي الأسماك الصعبة هي عوارض لا يكفي وصفها وتبريرها للقضاء عليها، بل يجب معالجة أسبابها الأساسية، التي غالباً ما تسلّط الأقلية الثرية على موارد العالم.