زياد سحابالسؤال الذي لم يطرح بعد، أو فلنقل إنّه لم يطرح بالإلحاح المطلوب، يتعلّق بسر الحماسة الكبيرة لدى فريق الرابع عشر من آذار لنجاح «الكتلة الوسطية» في الانتخابات المقبلة والتي تجاوزت حماسة هذا الفريق لوصوله هو إلى الندوة البرلمانية. هناك حالة تراوح بين التذاكي واستغباء الناخب اللبناني لدى هذا الفريق الذي يجهد لتسويق لائحة من المفترض أنها ستأخذ مقاعد منه كما ستأخذ من أخصامه. الثابت حتى اليوم هو أنّ الوسطيين لن يترشحوا إلا في المناطق التي يصعب فيها على فريق الرابع عشر من آذار اختراق لوائح الجنرال ميشال عون.
مفهوم الحديث عن ملل لدى الناس من الثنائي الآذاري الذي قد يراه البعض وجهين لعملة واحدة، ولكن ليس مفهوماً أبداً أن يكون ميشال المر هو ذلك المنقذ الذي سيخلّص الشعب اللبناني من الدوامة التي يعيش فيها منذ أربع سنوات، وخصوصاً أنّ الرجل في واجهة ما كان يعرف بالنظام الأمني اللبناني السوري المشترك.
ذكية جداً إذاً فكرة الكتلة الوسطية. فكرة رائعة لقلب الطاولة في المناطق المسيحية. لكن يبقى على فريق الرابع عشر من آذار اختيار شخص لا يزال يحظى باحترام الشعب اللبناني، وتحديداً غير المتحزّب، وإلا انقلب السحر على الساحر.
التجربة أثبتت خلال السنوات الأربع المنصرمة أنّ الطرف الوحيد الذي حافظ على مسافة، ولو متفاوتة، من الجميع، هو الحزب الشيوعي اللبناني، الذي وإن كانت طروحاته أقرب إلى المعارضة، فقد اختار طريقاً مغايراً في التحركات الشعبية التي أقامها كما في الشعارات التي طرحها خلالها. فهذا الحزب ميّز بوضوح بين دعمه للمقاومة المسلّحة ضد إسرائيل وحزب الله الذي تصيبه سهام الانتقاد عند الحديث عن ديكتاتورية الطوائف. لهذا الحزب قوة تجييرية لا يستهان بها بما يمثّل من حزبيين ويساريين، وقد يبدو الخيار الأمثل لمن «قرف» من الثنائي الآذاري.
لم يفت الأوان بالنسبة إلى المعارضة كي تعيد إلى الحزب الشيوعي بعضاً من وجوده، ما قد يفيدها في معركة تحتاج فيها إلى كل صوت، لكون هذا الحزب «الوسطي» يتقاطع مع المعارضة في الخيارات الأساسية المتعلقة بمستقبل البلد، أو على الأقل هذا ما تدّعيه المعارضة.