البقاع ــ نقولا أبو رجيلياشتهرت بلدة عين كفرزبد، قضاء زحلة، بصناعة مكانس القش اليدوية. وكانت هذه المهنة تمثّل مصدر رزق لنحو 70% من أبناء البلدة، لفترة امتدت أكثر من 150 سنة. أما اليوم، فلم يبق إلا قلة حرصت على إتقان مصدر رزق أسلافها، من بين هؤلاء حسين ريمي (59 عاماً)، الذي يقطن مع عائلته في منزل متواضع بالقرب من نبع مياه البلدة. يشرح ريمي لـ«الأخبار» مراحل زراعة نبتة المكنس، بدءاً بحراثة التربة في شهر أيار، مروراً برشّ البذار بواسطة آلة مخصصة لهذه الغاية (القمع)، وصولاً إلى «تفريد» النباتات، أي إزالة بعض منها بعد نموّها بهدف الحصول على نبتة متينة عند الحصاد. أما عن تكلفة الدونم الواحد فيقول ريمي إنها تتراوح بين 300 إلى 400 ألف ليرة لبنانية. أما عملية جني المحصول، فتجري في شهر أيلول بواسطة «الزابورة»، وهي آلة حديد مخصصة لهذه الغاية، تقطع النباتات بطول 40 سم، ثم تُضم في رزم بعد ربطها بالخيطان، تُعرّض بعدها لأشعة الشمس لمدة 15 يوماً، عندها تبدأعملية «البرش»، أي إزالة البذور بواسطة آلة تعمل على الطاقة الكهربائية استحدثت لهذه الغاية. تقاطعه زوجته لتوضح: «من زمان كنا نفلح الأرض على الدواب، ونبرش المكنس بواسطة علبة سردين فارغة».
إنجاز حياكة «المقشة»، الاسم الرائج للمكنسة، لا يستغرق أكثر من 10 دقائق، بحسب ريمي، الذي جلس على كرسي خشبي ملاصق لأرض الغرفة، تدلى من جانبيه حبلان من النايلون، وُصل طرفاهما بقطعتين من الخشب (المشدّ) للضغط على رزمة المكنسة. أما عملية ترتيب القصبات، لتتخذ شكلها النصف دائري، فتتم بواسطة مطرقة خشبية. وتختتم العملية بحياكة القصبات بواسطة خيطان النايلون. ويؤكد ريمي أن عدة الشغل لا تتجاوز كلفتها العشرة الآف ليرة لبنانية. وعن المردود المادي وكيفية تصريف إنتاجه، يقول: «الحمد لله، ربيت 12 ولداً من هالمصلحة».
فقد كان ريمي يجول في مدينة زحلة والقرى المجاورة حاملاً بضاعته على كتفيه، ليبيع المكنسة بسعر يترواح بين ليرتين وثلاث ليرات. ومع ظهور أدوات التنظيف الحديثة، والمكانس اليدوية المصنوعة من خيطان النايلون، توقف عن التجوّل في القرى وحصر بيع إنتاجه في منزله، بأسعار تتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف ليرة لكلّ قطعة.